لقد ذكرنا في مقال سابق اعمالا وصفات يحبها رب العالمين ويرضاها لعباده الطيبين وسنذكر في هذا الحديث بحول الله تعالى نوعا اخر من الأعمال والصفات التي لا يحبها ولا يرضاها ربنا خالق الأرض والسماوات فمنها الاعتداء على الناس مهما كان نوع هذا العدوان المشين وهل يخفى على العقلاء معنى ومقصد قوله تعالى وهو اصدق القائلين(ان الله لا يحب المعتدين) وعبارة( لا يحب) الواردة في القران تفيد قطعا المنع والتحريم كما بين وذكر ذلك اهل العلم والايمان ومنها الاختيال والافتخار على الناس فقد حذر الله سبحانه وتعالى من هذين الخلقين وهذين الرذيلتين تحذيرا كبيرا فقال (ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا) ومنها الخيانة التي هي ضد حفظ الأمانة والتي تعني نقض للعهود والتي قال فيها رب العالمين( ان الله لا يحب الخائنين) ولقد جعل رسول الله عليه الصلاة والسلام الخيانة من علامات ومظاهر النفاق فقد قال وهو رمز الأمانة وصدق الايمان(آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان) وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بربه في دعائه من الوقوع في هذه الرذيلة ويقول في كلمات نافعة قليلة( اللهم انا نعوذ بك من الخيانة فهي بئس البطانة) ومنها الفساد الذي يؤذي سريعا البلاد والعباد فقد قال تعالى محذرا العصاة الغافلين( ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) ومنها خلق الاستكبار الذي يجعل اصحابه ينسون حقيقة ضعفهم وينساقون تحت تاثير الغرور الى اقتراف كل فعل قبيح مشين فيكونوا من اتباع ومن اصحاب الشياطين ومن اصحاب النار غدا يوم الحساب والوقوف امام رب العالمين الذي قال تعالى للاولين و الآخرين(لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين) ولعل الناس كلهم يعلمون علم اليقين ان التكبر كان الذنب الأول الكبير الذي ادى بابليس الى العصيان والكفر فكان مصيره وجزاؤه الطرد والخسر المبين وهل هناك خسر يفوق الحرمان من رحمة ومن جنات رب العالمين؟ او لم نقرا منذ قرون وسنين قوله تعالى وهو اصدق القائلين ( واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين) ومنها رذيلة الاسراف والتبذير التي نهى عنها الله تعالى والتي عرف عواقبها ونتائجها الوخيمة اهل الفكر والتدبير اذ قال تعالى ولا ينكر حكمة ووجاهة قوله الا ذو عقل ضعيف صغير مهين (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين) هذه اذن مجموعة من الأعمال والأخلاق والصفات التي يكرهها ويمقتها ولا يحبها ولا يرتضيها رب الناس خالق الأرض والسماوات فهل سيهتدي بها من يبغون ويطمعون في نيل حبه ورضاه ام سيغفلون عنها فيقعون في عذابه الأليم الفظيع ولله در ذلك الشاعر الذي ذكر الناس ان حب الله والوقوع في ما لا يحبه امر غير مقبول بل هو امر عجيب شنيع فقال قولا من النوع الجميل البديع تعصي الالاه وانت تدعي حبه هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادق لاطعته ان المحب لمن يحب مطيع وهل هناك محب صادق يعصي من يحب هذا لعمرك هو عين الغرابة وعين العجب؟