يعتبر اسلوب التشبيه و ضرب الأمثال من اهم واروع واجدى الأساليب والمناهج التي اعتمدها القران الكريم لبلوغ وتحقيق المقاصد التربوية والتعليمية في اصلاح الأوضاع والأحوال البشرية فمن ذلك قوله تعالى( الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله المثال للناس لعلهم يتذكرون) سورة ابراهيم(24/25) ويقول الامام ابن قيم الجوزية في شرح هذين الايتين(فشبه الله سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لان الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة هي شهادة ان لا الاه الا الله فانها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة فكل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة وفي تفسير (علي بن ابي طلحة )عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (كلمة طيبة شهادة ان لا الاه الا الله كشجرة طيبة وهو المؤمن اصلها ثابت قول لا الاه الا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن الى السماء) وقال الربيع بن انس (كلمة طيبة هذا مثل الايمان فالايمان الشجرة الطيبة واصلها الثابت الذي لا يزول هو الاخلاص فيه وفرعه في السماء هو خشية الله) والتشبيه على هذا القول اصح واظهر واحسن فانه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين و اذا تاملت هذا التشبيه رايته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة الى السماء لا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها واخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها ومراعاتها حق رعايتها فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا احسن صبغة منها فعرف حقيقة الألوهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله وواطا قلبه لسانه في هذا النفي والاثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا فلا ريب ان هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد الى ربه في كل وقت فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح الى الله تعالى وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلما كثيرا طيبا يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب كما قال تعالى( اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)فاطر10 فاخبر سبحانه ان العمل الصالح يرفع الكلم الطيب واخبر ان الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت ومن السلف من قال(ان الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح الذي قال فيه كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (اخبروني بشجرة مثل الرجل المسلم لا يتحات ورقها وتؤتي اكلها كل حين باذن ربها ؟ قال ابن عمر فلما لم يتكلم احد منا بشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة) ومنهم من قال هي المؤمن نفسه... فاللهم اهدنا الى قول الكلام الطيب الجميل واجعله لنا الى مرضاتك ونيل ثوابك والقرب منك خير سبيل واجعلنا في زمرة من شيههم رسولك بالنخلة والنخيل ولا حول ولا قوة الا بالله رب العالمين.