ها ان شهر رمضان قد اذن بالرحيل وشد عصا الترحال وها ان المسلمين سيخرجون غدا ان شاء الله بفرحة وابتهاج لرصد هلال دخول شهر شوال ولقد قال الشعراء الكثير من الأبيات الطريفة الظريفة في الحديث عن مقدم هلال شهر شوال وللتعبير عن الفرح برؤيته منذ قديم الأعوام والسنوات ومما يروى في ذلك ان الملك الشاعر عيسى الايوبي الملقب بمامون بني ايوب كان قد صعد على مئذنة جامع دمشق لرؤية هلال شوال ومعه القاضي والشهود فلم ير الهلال احد منهم ولكن راته جارية من جواريه فقال الملك للشاعر ابن القصار قل في ذلك شيئا فقال ابن القصار على الفور توارى هلال الأفق عن اعين الورى وغطى بستر الغيم زهوا محياه فلما اتاه لاجتلاء شقيقه تبدى دون الأنام فحياه ويقول علي بن ظافر الاندلسي اخبرني ابوعبد الله بن المنجم فقال صعدت الى سطح الجامع بمصر في اخر شهر رمضان مع جماعة فصادفت الأديب ابا الفتوح بن قلاقس وعلي ابن المنجم فانضفت اليهم فلما غابت الشمس وفاتت ودفنت في المغرب حين ماتت وتطرز حداد الافق بعلم هلاله وتجلى زنجي الليل بخلخاله اقترح الجماعة على ابن قلاقس وابن المنجم ان يصنعا شيئا في صفة الحال فانشد ابن المنجم وعشاء كانما الأفق فيه لازورد مرصع بنظار قلت لما دنت لمغربها الشمس ولاح الهلال للنظار اقرض اشرق صنوه الغرب دينا را فاعطى الرهان نصف سوار وانشد بعده ابن قلاقس لا تظن الظلام قد اخذ الشمس واعطى النهار هذا الهلال انما الشرق اقرض الغرب دينا را فاعطاه رهنه خلخالا هذا غيض يسير من فيض كبير ميز تراث ادب وفن ونبوغ المسلمين الأقدمين في الحديث عن مقدم هلال شوال واننا لنتساءل وحق لنا السؤال لماذا لم نعد نسمع من شعراء اليوم شيئا ممتعا طريفا راقيا من هذا القبيل وعلى هذا المنوال؟ فهل نقول ونحن صادقون ان العبقرية والذكاء وحضور البديهة والطرافة قد ذهب ورحل بها الأولون المبدعون؟ كما اننا نتساءل بكل عفوية وبكل صدق وبكل صراحة فما جدوى وما نفع كليات ودراسة الآداب في بلادنا اليوم واساتذتها ودكاترتها وطلبتها عاجزون عن الاتيان بمثل او بنصف اوبربع او حتى بمعشار ما قاله الأدباء الأولون؟ اليس الأولى ان تراجع كليات الآداب اليوم مناهجها وبرامجها التعليمية حتى لا نقول فيها بالمفيد المختصران مثلها كمثل الذي(يشرب الماء ويضيق على الشجر)؟ كما نقول لها ونذكرها بما قاله الأولون من ذوي العقل الرصين والفكر النزيه النبيه(اليس الماء الماشي الى السدرة الزيتونة اولى به)؟