لقد تفاجا التونسيون بعد ان سمعوا وعلموا ان نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو قد قرر اعتزال النشاط السياسي نهائيا والانشغال باشياء اخرى لا علاقة لها بالشان العام كما شدد الشيخ على انه لا علاقة لقراره بما يحدث داخل حركة النهضة معتبرا ان قراره قد اتخذه عن قناعة بعد تقييم ذاتي لادائه ...وما ان علم كاتب هذه السطور بهذا القرار حتى ارتسم في ذهنه سؤال لا شك انه قد ارتسم ايضا في اذهان كثير من الناس وراه وراوه مثله انه يبحث عن اصدق واسرع جواب وهو هل اخطا عبد الفتاح مورو ام اصاب في اختيار توقيت وموعد هذا الانسحاب؟ ولا شك ايضا ان ان هؤلاء المتسائلين قد قالوا في نفوسهم وهم من الحيارى ومن المشدوهين الم يرالشيخ مورو ان انسحابه من الحياة ومن النشاط السياسي في مثل هذه التوقيت يثير الريبة والشكوك في حقيقة علاقته بالنهضة وخاصة برئيسها؟ اولم ير الشيخ حفظه الله ان رفيق دربه في تاريخ حركة النهضة ورئيسها الشيخ راشد الغنوشي يعاني اليوم مازقا وحرجا سياسيا كبيرا من النوع الثقيل لابعد الحدود يحتاج فيه حتما الى من يقف الى جانبه ولو معنويا ومن يتوكا ومن يعول عليه ومن يعينه في كل المحافل الخطابية وفي كل الوسائل الاعلامية؟ وخاصة اذا كان هذا المساند وهذا المعين رفيق درب وصديق حميم في مثل قيمة وفي مثل وزن وفي مثل خبرة عبد الفتاح مورو مؤسس وقيدوم وصاحب رخصة انشاء الحركة النهضوية؟ الم يقدر الشيخ عبد الفتاح ان صديقه الغنوشي مهدد سياسيا بما يتوقع وبما لا يتوقع من الأخطار بصفة ثابتة جدية من اطراف كثيرة ظاهرة وخفية تناصبه وتناصب حركته النهضوية العداء بكرة عشيا داخليا وخارجيا وان سي عبد الفتاح مورو قادر ربما اكثر من غيره لاعتبارات كثيرة ان يدافع عنه بما له من معرفة دقيقة يقينية بتاريخ وحاضر الحركة النهضوية وبما حباه الله به من قوة الحجج ومن الفصاحة ومن الطلاقة اللسانية اللدنية؟ اولم يقدر الشيخ ان انسحابه من الحياة السياسية وتخليه عن نصرة حركته النهضوية وعن نصرة شيخها بصفة رسمية بالضرورة وبالتبعية قد يغري غيره من اقطاب الحركة وركائزها باقتفاء اثره واعلان انسحابات اخرى سياسية ستضعف حتما وزن ومكانة الحركة لدى جميع الأوساط السياسية التونسية والخارجية؟ وهل نسي الشيخ مورو ان حركة النهضة ورئيسها قد وقفوا الى جانبه منذ شهور قليلة سياسيا ورشحوه ليحمل امالهم وحظوظهم في الانتخابات الأخيرة الرئاسية وان صديقه ورفيق دربه راشد الغنوشي قد انتقل في شمال البلاد وجنوبها منوها بخصال صديقه ورفيقه المرشح للرئاسة بكل نشاط وبكل اصرار وبكل حماسة؟ وهل نسي الشيخ مورو انه دخل قبة البرلمان ونال فيها منصب الرئاسة بفضل سياسة حركة النهضة وانه ما كان له ان يصل الى ذلك المنصب الرفيع المرموق لولا نواب هذه الحركة التي يعلن اليوم انه قد قرر اعتزالها في هذا الوضع الصعب الخطير وفي هذا التوقيت وفي هذا الأوان؟ وهل نرى الشيخ محتاجا الى من يقول له وان يذكره ان التاريخ قد علمنا ان شيوخ واقطاب وزعماء الحركات السياسية لا ينسحبون ولا يعتزلون من مهامهم الرسمية في اوقات الصعاب و الازمات الوطنية وحتى ان فكروا في الاعتزال والانسحاب فانهم يختارون له اوقاتا اخرى غير هذه الأوقات المفصلية المصيرية؟ حتى لا يظن بهم الناس الظنون وحتى لا يقولوا فيهم كلاما قد يعرفونه وقد لا يعرفون؟ ومهما يكن من امر ومهما يكن من حال فليت الشيخ مورو يزيدنا توضيحا ويزيدنا صراحة ويزيدنا كشفا في بيان علة وسبب هذا الانسحاب فان فعل ذلك فهذا هو المطلوب والمرغوب وان لم يفعل ذلك فليتذكر ان التاريخ سيسجل موقفه المفاجئ الغريب وسيتولى اجابة الحائرين والمتسائلين عن حقيقة امره ولو بعد زمن طويل ولو بعد احقاب والقائلين بكل عجب وبكل استغراب (هل اخطا الشيخ مورو ام اصاب في اختيار وقت وموعد هذاالانسحاب؟ )