تتسع دائرة الاحتجاجات في الولاياتالمتحدةالأمريكية على خلفية مقتل المواطن " جورج فلويد" من ذوي البشرة السوداء على يد الشرطة بطريقة غير إنسانية وبشعة وفيها الكثير من الوحشية والعنصرية حيث تواصل التنديد الجماهيري بتصرف قوات الأمن تجاه المواطنين وخاصة تجاه المواطنين السود الذين تعاملهم الشرطة معاملة فيها الكثير من العنف المفرط حيث لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه في بلد الحريات بل أن هذا السلوك الوحشي المشبع بمواقف الاقصاء والعنصرية هو السلوك اليومي والمعهود لرجال الشرطة في أمريكا تجاه المواطنين وخاصة تجاه الأمريكيين السود. ومع اتساع رقعة الرفض والتنديد الشعبي تجاه السياسة الأمنية المتبعة في الولاياتالمتحدةالامريكية يتسع حجم التخريب للممتلكات وأعمال الشغب والحرق ومواجهة قوات الأمن ، غير أن الاحتجاجات هذه المرة ليست كسابقاتها من حيث الإصرار الشعبي على التغيير وحمل المسؤولين السياسيين والحكام في الولاياتالأمريكية إلى عدم الاكتفاء بعزل المتسببين في أعمال العنف و القتل ليغلق بعد ذلك الملف لينتقل إلى المطالبة بمحاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة يتهمه القتل العمد ونشر مشاعر الكراهية و العنصرية فما يطالب به المحتجون هو أن تتوقف الشرطة نهائيا على معاملة المواطن الأمريكي معاملة فيها الكثير من العنصرية والوحشية والعنف وضرورة تطبيق القانون على رجال الأمن الذين يتورطون في أعمال قتل غير مبرر تجاه المواطنين الذين يتم ايقافهم لسبب من الأسباب. إن المثير في هذه الأحداث الأخيرة هو في تحولها إلى حديث كل وسائل الإعلام في العالم وإلى انتقادات شتى كان من أبرزها الموقف الصيني والإيراني الذي طالب الرئيس ترامب أن يعامل شعبه بأكثر انسانية واحتراما للذات البشرية وهي أحداث جعلت صورة الولاياتالامريكيةالمتحدة المدافعة عن الحريات والحقوق والديمقراطية تهتز و تتراجع كثيرا لتصبح محل شكوك ومحل أسئلة كثيرة في علاقة بمدى صحة مقولة العالم الأمريكي الحر وصدق نموذج الديمقراطية الأمريكية الذي خاضت قوات الجيش الأمريكي حروبا كثيرة مكلفة من أجل نشره في العالم وفرضه بالقوة على المجتمعات والشعوب. إن المثير في هذه الأحداث هو في حجم الغضب الشعبي من تصرفات الشرطة الأمريكية وحجم عدم الرضا على السياسة الأمنية الأمريكية وحجم الفوضى التي نشاهدها في الشوارع وحجم أعمال الحرق والمواجهة مع قوات الأمن ما جعل الكثير من المراقبين يرجحون أن الشعب الأمريكي هذه المرة ينشد التغيير ويطالب بنظام حكم أكثر عدلا واحتراما للإنسان. إن المثير البارز في احتجاجات الشارع الأمريكي هو في الطريقة التي يتصرف بها الرئيس الأمريكي الذي يتعمد الهروب إلى الامام وإبداء عدم رغبته في الاستماع إلى صوت الشارع الذي يقول له لقد سئمنا عنفكم ولم نعد نقبل بسياستكم والمحير في هذا الرئيس هو أنه عوضا أن يتفهم مطالب الناس ويعالج الوضع بالحكمة والعقل فإنه يتوعد المتظاهرين بمزيد من القمع واستعمال العنف حيث يقول المراقبون أنه لأول مرة في الولاياتالمتحدةالامريكية شاهد الناس اثناء الاحتجاجات رئيس أمريكي يخرج من البيت الابيض ويسير مترجلا لمراقبة المظاهرات حيث شوهد الرئيس ترامب بعد اندلاع الاحتجاجات الأخيرة يخرج من البيت الأبيض حاملا في يبد نسخة من الإنجيل ويقف أمام كنيسة تعرضت للحرق من طرف المتظاهرين ويرفع الكتاب المقدس ويتوجه بكلمة إلى حكام الولاياتالأمريكية بأنه سوف يتخذ بنفسه جملة من الإجراءات الأمنية لإيقاف ما أسماه بأعمال الفوضى والإرهاب في حالة عدم الاستجابة إلى فرض الأمن والنظام بالقوة في الولايات. لقد اعتبر الكثير من المراقبين بأن عملية رفع الانجيل من طرف ترامب وهو يخاطب حكام الولاياتالأمريكية بأنه سلوك معهود في أمريكا وطريقة متعود عليها و دأب عليها رؤساء أمريكا خلال الأزمات وجنة حكام الولايات حيث يتم اللجوء إلى الخطاب الديني وتوظيف الرموز الدينية للتأثير على المواطن الأمريكي الذي لا يرى مانعا من توظيف الدين في القضايا السياسية بل أن الفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي غير مطروح في المجتمع الأمريكي لذلك فإن تصرف ترامب وهو يرفع الانجيل أمام الكنسية والبلاد تعرف موجة من الاحتجاجات غير مسبوقة لم يلق الاستهجان والإنكار كما لم يجد من ينتقده ويقول بأن ترامب يوظف الدين في السياسة .