الزّمان الغض،المضاء بشموس النصر والتحدي الزمان المفعم بإشراقات القصيد،ما قبل إدراك الخديعة،بغتة الصدمة وضربة الأقدار تطاوين الجاثمة على تخوم الجرح ترثيك-يا محمد الغول*-.فرحة هي النوارس بمغادرتك عالم البشر إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين أنت الآن في رحاب الله بمنأى عن عالم الغبار والقتلة وشذّاذ الآفاق،والتردّي إلى مسوخية ما قبل الحيوان. نائم هناك على التخوم الأبدية،وروحك تعلو في الضياء الأثيري،طائرا أو سمكة أو سحابة أو لحنا في موسيقى.لقد غادرت المهزلة الكونية للعبور البشري فوق سطح الأرض. في الزمان الحُلمي،كما في رؤيا سريالية،ستحملك-تطاوين برياضيها،مثقفيها،وآهاليها على محفة من الريحان،بعد تطهيرك بمياه الوديان،من مصبات الأنهار والمنحدرات الصخرية بإتجاه البحر سيسألها العابرون:إلى أين؟ في السماء نجمة نهتدي بها.نعرفها.تشير دوما إلى الجنوب وتحديدا إلى جهة تطاوين أنت أشرت إليها ذات غسق وهي الآن فوق-مقبرة قرية تلالت-تضيئ القبور بلمعانها المميز عن بقية الكواكب.وهي تشير كذلك إلى المرقد والمغيب فوق أفق البحر في أواخر المساءات.نحملك نحوها لتغطيك وتحميك بنورها الأسطوري لتدخل في ذرّاتها وخلودها الضوئي.. قبل هذا الإحتفال الأخير سنطوف بك حول-الملعب الرياضي بتطاوين-الذي أحببته،حيث يرثيك أبناء الإتحاد الرياضي بتطاوين والأسرة الرياضية دون استثناء بدمع حارق يحزّ شغاف القلب يسألني العابرون أو أسأل نفسي:هل محاولة إستعادة نبض الحياة الماضية يخفّف من وطأة صدمة الموت؟..لا أعرف شيئا عندما تبهت الأيّام،وتنطفئ في عين النّهار إبتسامة حاولت كثيرا أن أغذيها بدمي،يتعالى صراخ من هنا،أو نحيب من هناك،وتتوالد حول الأحداق أحزان كثيرة وعابثة الشعور،تذكّر أنّ الإنتهاء قد اقترن بكل شيء. ذات يوم،ومنذ عام مضى تجرّأ الموت وسأل محمد الغول الإبن البار لجهة تطاوين ورئيس الإتحاد الرياضي السابق بالجهة..لماذا يعيش.. ؟! ولا بدّ أن يكون المرء سخيفا ليسأل الموت عن علاقته بمحمد الغول..!! غير أننا صرنا جميعا عاجزين أمام لسعة الموت..وضربة الأقدار منذ عام مضى سألت لماذا تنكسر الأغصان أحيانا قبل أن تزهر..ولماذا -تتبرعم- مصادفة في الزّمن الخطأ،وترحل كومضة في الفجر،كنقطة دم،ثم تومض في الليل كشهاب على عتبات البحر.. ؟! وأدركت أنّ السؤال قدريّ..وأدركت أيضا أنّ الدموع لا تمسح تراب الأسى إلا أنّ المسيرة الرياضية التي قطعها الراحل محمد الغول دون أن تكتمل، ستظل نجمتها تحلّق في الأقاصي،تنير دروب تطاوين وكذا الإتحاد الرياضي بالجهة،ويتغنى بنورها الوهّاج القادمون في موكب الآتي الجليل وهذا عزاؤنا جميعا-أبناء تطاوين الشامخة-في المصاب الجلل لروحك الجميلة-يا محمد الغول ألف سلام نَم هانئا..هناك..في رحاب الله الأبدية.. محمد المحسن *توفي صباح الخميس من سنة 2019، محمد الغول الرئيس السابق للاتحاد الرياضي بتطاوين إثر نوبة قلبية. وأكدت الجامعة التونسية لكرة القدم أن الراحل قاد في ظرف 5 سنوات المسيرة الموفقة لناديه من القسم الثالث إلى قسم النخبة ليتخلى في بداية الموسم عن رئاسة الاتحاد لمن يعتقد أنه ينفع فريقه أكثر منه في المرحلة الراهنة. ترك محمد الغول لوعة وأسى في نفوس كل من عرفوه وحضروا موكب جنازته المهيب في تطاوين ويعتبر الفقيد من ابرز وجوه العائلة الرياضية في الجهة فهو-كما أسلفنا-من قاد اول جمعية رياضية في الولاية الى الرابطة المحترفة الاولى حيث ترأس هيئة الاتحاد الرياضي بتطاوين منذ سنة 2011 عندما كان في الرابطة الجهوية الى بطولة الرابطة المحترفة الاولى عام 2017. رحم الله الفقيد ورزق أهله وذويه وجميع أفراد الأسرة الرياضية جميل الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.