عندما يتعلق الأمر بامن ومصير الشعوب العربية والاسلامية وتهديدها في مصالحها الحيوية يصبح الانحياز إلى قضاياها واجبا دينيا وقوميا تفرضه عرى الأخوة ووحدة الماضي والحاضر والمستقبل المشترك. هذا هو الموققف الاصيل والشريف بقطع النظر عما يمكن ان يقع بين الاخوة من اختلافات تبقى دائما ظرفية . هذا هوماشعرت به وهذا هوالموقف الذي لم اتردد في ابدائه( وموقفي ومواقف غيري من اهل الفكر وحملة الاقلام هو مجرد راي ولكن للراي وخصوصا راي هذه الفئة تاثيره في مايتخذ من المواقف الرسمية). اعني موقف البلدان العربية حكومات شعوبا مما تواجهه مصر وشعبها والسودان وشعبه من تهديدات اثيوبيا الخطيرة بالتحكم في مياه نهر النيل من خلال بنائها لسد النهضة والمضي في ملئه دون تنسيق مع البلدين السودان ومصر التين يعد النيل بالنسبة إليهما والى شعبيهما شريان الحياة. والماء مصدر حياة الانسان والحيوان والنبات وكل شيئ تسري فيه وبه الحياة مصداقا لقوله جل من قائل( وجعلنا من الماء كل شيء حي). فمجاري الانهار ومصباتها لايمكن التحكم والتصرف فيها من طرف جانب واحد حتى لو كان هذا البلد هو منبع هذا النهر فان الاعراف والقوانين والتشريعات التي حكمت هذا المجال الحيوي في حياة الشعوب كانت دائما تراعي مصالح جميع الاطراف ذات الصلة. النيل هو هبة الله لمصر وشعبها مثل منذ الاف السنين مصدر رزق شعبها بكل فئاته في الارياف هناك في القرى والنجوع فعلى جانبيه وعلى امتداد مجراه في ارض مصر من جنوبها إلى شمالها حيث مصبه في جنوب البحر الابيض المتوسط استصلحت الاف الفدادين من الاراضي التي كانت ولاتزال مصدر قوت وعيش الملايين من غلابى مصر. وهناك في كل المدن التي يمر بها النيل من اسيوط مرورا بالقاهرة( مدينة العشرين مليون ساكن) وصولا إلى الاسكندرية عروس المتوسط كانت ولاتزال مياه النيل مصدر ماء شربهم. نعم بنت مصر السد العالي العملاق لتوليد الكهرباء وكان مشروع القرن في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وكان بركة اخرى وهبة اخرى لشعبها من هبات الله من خلال هذا النهر الخالد ولقائل ان يقول اليس من حق اثيوبيا ان تبني هي ايضا سدا على اراضيها تنهض به بحياة شعبها و واقول لا اعتراض على ذلك ولست من اهل الذكر في القانون الدولي والقوانين المنظمة للعلاقة بين الدول فيما يتعلق بالانهار التي تشقها ولكني لااخالها تسمح بالتعسف فيما هو من قبيل الحقوق المشتركة. والنيل ليس نهرا محليا ينبع من بلاد لايتجاوز مساره اراضيها التي فيها مساره ومجراه. إن النيل مشترك بين ثلاث دول هي اثيوبيا والسودان ومصر وللبلدان الثلاثة حقوق متساوية لايمكن الاستئثار بها من طرف جانب على حساب غيره فالذي يحكم في هذا المجال ليس قانون الغاب وإنما القوانين الدولية التي تسهر على احترامها الهيئات الدولية المختصة وعلى راسها منظمة الاممالمتحدة. والتفاوض هو السبيل الوحيد للتفاهم والتنسيق هو واجب جميع الاطراف في أي خطوة تتخذ في هدا المجال ذي الانعكاسات الخطيرة ليس فقط على الامن والاستقرار بل وعلى حياة الناس وهم في قضية الحاال شعب مصر بلاد مايزيد على مائة مليون انسان الماء بالنسبة لهم شريان الحياة ولا يمكن التفريط فيه مهما كان الثمن وهو دفاع شرعي عن حق تاريخي لايمكن التنازل عليه و ذلك ما مضت فيه السلطات المصرية متوخية كل الوسائل التي يتيحها لها القانون في الحفاظ على حقها المشروع في استمرار تدفق مياه نهر النيل والتصدي لكل من تحدثه نفسه بحرمانها من هذا الحق المشروع. ومصر تاريخيا و(اجنادها خير لااجناد الله) حمت عبر تاريخها الطويل وحافظت على حقوق شعبها وتصدت لكل المغامرين وكان النصر حليفها. وفي هذه القضية يجمع على الوقوف صفا واحدا كل شعب مصر بكل مكوناته المسلمة والقبطية والتي في الحكم والتي ليست في الحكم فهي قضية تمس امن مصر في الصميم. والوقوف بجانب مصر والسودان هوما ماتفرضه الأخوة القومية والدينية والانسانية فكل دول العالم وشعوبه المحبة للسلام والتائقة للتعايش بين الجميع ستقف بجانب مصر في دفاعها عن مصلحة شعبها وذلك ما سيجعل اثيوبيا تتوخى الحكمة وتحتكم إلى القوانين الدولية في قضية ملا سد النهضة الذي تهدد بملاه دون تنسيق مع الدولتين المعنيتين بذلك ( السودان ومصر). إن التضامن مع مصر والسودان في قضية مياه نهر النيل واجب عل كل الدول العربية والدول الاسلامية والافريقية و التي هي معنية بدرجة اولى فمصر مثلما وقفت مع قضايا الدول العربيةفقد وقفت مع الافريقيةفي مرحلة نضالها لنيل استقلالها ومابعد ذلك عند بنائها لدولها الفتية ولااخال بقية الدول الاخرى الا مساندة لمصر والسودان في جعل اثيوبيا تخضع لسلطان القوانين الدولية المتظمة للعلاقات بين الدول في هذا المجال.