منذ الخامس من يونيه حزيران 2017 أعلن حصار قطر الذي فاجأ القطريين و العرب و العالم كأن الأنظمة التي حاصرت دولة قطر وشعبها إختارت هذا اليوم بدقة و عن نية مبيتة و بسابق إضمار و ترصد لأنه نفس تاريخ ما يسمى "مصريا" بالنكسة حين دمرت حرب خاطفة إسرائيلية غاشمة و محتلة سلاح الجو المصري و حين باءت خيارات الرئيس جمال عبد الناصر بالفشل الذريع و الهزيمة و يوجد وجه التشابه بين "نكسة" مصر و العرب 1967 و مغامرة الحصار الجائر المضروب على شعب قطر 2017 وهو يكمن في أن بعض العرب عوض أن توحدهم المحن و ترص صفوفهم و تجمعهم على كلمة سواء كما أمر رسولهم الأعظم المصطفى الأمين مارسوا عكس ما تفرضه أخلاق الإسلام و قيم العروبة فتفرقوا شيعا و تشتتوا مللا و انفجروا حبا و نوى ومن مؤشرات هذه النكسة الثانية الحقيقية ما أعلنته أنظمة (ولا نقول دول) شقيقة من محاصرة شعب عربي مسلم هو جار و حليف في شهر رمضان و كان حكام الخليج و العرب مجتمعين ومعهم صاحب السمو أمير قطر حفظه الله قبل أسابيع في الرياض مع الرئيس الأمريكي (ترامب) لتنسيق السياسات و مواجهة التحديات! المؤسف كما قالت صحيفة (الخليج) هو أن الأزمة الخليجية كما اتفق على تسميتها جاءت عكس الأزمات السابقة لأنها ليست مجرد أزمةٍ عابرة فقد أوغلت في نزف الجراح الاجتماعية و الإنسانية و الأسرية بين شعوب شبه الجزيرة العربية وكانت الأزمات الخليجية السابقة مقيدة بين جدران أروقة الحكم في المنطقة الخليجية إلا أن هذه الأزمة امتدت إلى شعوب المنطقة التي لطالما اتسمت بالمتانة وعمق الأواصر. وعودةُ إلى تداعيات الممارسات المشينة والقرارات البائسة المتخذة من جانب الدول التي أعلنت العقوبات والحصار على قطر حيث وجدت أسر خليجية أنفسها مجبورةً على الفراق و التشتت بلا رحمة حين طالبت دول الحصار مواطني قطر بمغادرة تلك الدول على الرغم من أن كثيرًا من الزيجات الخليجية مختلطة بمواطني الدول الست وهو ما لم تفعله قطر بل أكرمت مواطني دول الحصار و لم تتعرض لمصالح أو أمن أي منهم. وكغيرها من الأقاليم الجغرافية فإن اندلاع الأزمات بين الكيانات السياسية قد يكون أمرًا طبيعيًا وتنتهي بالتصالح إلا أن مثيلتها الخليجية الحالية وهي تجتاز عتبتها الرابعة تزداد اتساعًا ويعتقد مراقبون أن وسائل الدبلوماسية و الإعلام و التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا شريرا و سلبيا في تعميق أزمة الحصار الخليجي بسبب هبوط مستوى عديد المدونين من جنسيات دول الحصار و إعلامييها في الوقت الذي تترفع فيه دولة قطر قيادة و شعبا و إعلاما عن الترهات و لغو الكلام و هتك الأعراض تأمينا منها للمستقبل في المنطقة بعد زوال أسبابه و عودة الرشد لبعض مسؤوليه. والتجأت قطر إلى المحكمة الدولية فأنصفتها في عديد القضايا المرفوعة ضد الدول المارقة عن القانون الدولي و أخر قضية كسبتها قطر تتعلق بالمجال الجوي المغلق جورا و كيدا أمام أسطول طائرات القطرية وهو مما يتناقض مع ميثاق المنظمة الدولية للطيران المدني و التجاري نفس الميثاق الذي سبق أن وقعت عليه دول الحصار و خرقته بلا ضوابط! و أحكم الحصار جوا و برا و أرضا و لكن أيضا بشريا (في شكل عقاب جماعي دون تمييز في الظلم) فامتد ليشمل المواطنين الخليجيين العاملين في تلك الدول على اختلاف أصناف أعمالهم التي عملوا فيها لعقود طويلة وكغيرهم من الشرائح المتضررة وجد الطلاب الجامعيون والمدرسيون أنفسهم خارج أسوار تلك المؤسسات التعليمية إثر مطالبتهم بالمغادرة جراء الحصار الخليجي تلك المطالبات لاقت صداها على مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت آلاف النقاشات حول مستقبل أبنائهم والضرر الذي لحق بهم أضف إلى ذلك ضياع حقوق رياضيين وصحفيين ومذيعين وفنانين ومدراء و أصحاب مشاريع اقتصادية و أسهم في شركات و مصارف خليجية متنوعة والذي يدعو للاعتبار و الفخر هو أن دولة قطر وهي تحيي ذكرى الخامس من يونيه 2017 استوعبت درس التاريخ الحديث فحولت الحصار إلى تحقيق إقتصاد و صناعة وطنيين قويين ثم هي استغنت عمن استغنى عنها بينما غرق المحاصرون في أزمات إقليمية و دولية بعقلية المغامرين المتهورين و رأينا كيف تتحرك جماهير دول عربية رافضة لهيمنة هذه الأنظمة و تدخلاتها في شؤونهم و صناعة الفتن التي لا تخدم سوى أعداء العرب و الاستعماريين التقليديين من عنصريين غربيين و من متصهينين إسرائيليين متطرفين المروجين لصفقة القرن صفقة العار و بيع شعب فلسطين و تصفية حقوقه المشروعة.