نشرت مؤسسة "سيغما كونساي " سبر آراء جديد لنوايا التصويت لشهر أوت الجاري جاءت نتائجه طبيعية بالنسبة لبعض الأحزاب ومخيبة للتوقعات بالنسبة لأحزاب أخرى ومن أهم هذه النتائج مواصلة تقدم حزب الدستوري الحر في نوايا التصويت لو وقعت انتخابات تشريعية بحصوله على 36 % من أصوات العينة المستجوبة مقابل حصول حركة النهضة على 22 % من نوايا التصويت وهي تقريبا نفس النسبة التي تحصلت عليها في السابق لكن الجديد هذه المرة في تعميق الفارق بين الحزبين ب 14 نقطة لفائدة الدستوري الحر بما يعني أننا سوف نعيش في المستقبل إذا لم تحصل مفاجآت غير مرتقبة استقطابا جديدا كالذي عاشته تونس سنة 2014 مع المرحوم الباجي قائد السبسي وحزب نداء تونس وما عرف وقتها بعملية التصويت الموجه، بما يعني أن الصراع السياسي المرتقب خلال الانتخابات التشريعية المقبلة سوف يكون بين النهضة والدستوري الحر وفي مقابل هذا الاستقطاب الجديد هناك أحزاب اندثرت من المشهد ولم تعد تعني شيئا للمعنيين بنوايا التصويت كحزب تحيا تونس وحزب المسار وحزب مشروع تونس والجبهة الشعبية وكل الأحزاب اليسارية التي لم تسجل حضورها في سبر الآراء هذا مع محافظة أحزاب أخرى على نفس مواقعها وحظوظها ونفس خزانها الانتخابي ونفس القاعدة الانتخابية وهي قلب تونس ب 10% والتيار الديمقراطي ب 6.6 % وائتلاف الكرامة ب 6.3 % ثم حركة الشعب ب 5.7 % . يقول حسن الزرقوني مدير مؤسسة سيغما كونساي بأن أبرز ملاحظة يمكن أن نخرج بها من نوايا التصويت الأخيرة هي أن التفسير الوحيد الذي يمكن أن نفسر به تقدم الدستوري الحر على حركة النهضة هو أن الخزان الانتخابي الذي ينهل منه الدستوري الحر هو نفس خزان النداء التاريخي لسنة 2014 بما يعني أن القاعدة الانتخابية التي تقف وراء هذا الحزب لو حصلت انتخابات تشريعية سوف تتكون من تجمعيين موالين للمنظومة القديمة وبعض الليبراليين وبعض اليساريين المعادين للنهضة بما يعني أن وقوف كل هؤلاء مع الدستوري الحر ليس بسبب برنامجه أو أفكاره وإنما فقط من أجل كرهه ومعاداته لحركة النهضة لا غير، وهذا ما يفسر كيف أن رئيسة الحزب الدستوري الحر في الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف لن تحظى إلا بنسبة 8% فقط من نوايا التصويت متأخرة تأخرا كبيرا على صاحب المرتبة الأولى الرئيس قيس سعيد الذي تحصل على 65 % من نوايا التصويت وبذلك يكون هذا الأخير قد حافظ على تقدمه على كل الشخصيات في الانتخابات الرئاسية بما يفسر أن عبير موسي كشخصية حزبية غير مقبولة وغير محبوبة بلغة السياسيين في الانتخابات الرئاسية لو ترشحت بمفردها، ويعني كذلك أن العينة المستجوبة قد اختارت الدستوري الحر في التشريعية لمعاداة النهضة وليس اصطفافا مع عبير موسي وبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي في حين نفس العينة لم تبد نواياها للتصويت لشخص عبير موسي في الرئاسية وهذه مفارقة عجيبة يقول عنها حسن الزرقوني أن يكون حزب سياسي متقدم في التشريعية ولا تتقدم زعيمته في الرئاسية بما يفيد أن الناخب يميز بين الحزب الذي يعادي النهضة وبين رئيسته لما تتشرح للرئاسة بمفردها والتى لا يراها مؤهلة لهذا المنصب والفارق الكبير بينها وبين قيس سعيد يؤكد هذه الحقيقة. الملاحظة البارزة الأخرى والمحيرة هي أن حوالي 62 % من العينة المستجوبة رفضت الإعلان عن نيتها في التصويت ورفضت التصويت لصالح أي جهة سياسية في عملية مقاطعة كبيرة للانتخابات وهي نسبة لا يستهان بها، والملاحظة الأخرى هي أن جانبا كبيرا من الخزان الانتخابي الموالي للدستوري الحر و الذي أعرب عن نوايا التصويت لهذا الحزب هو من شريحة النساء وذلك بنسبة 43 % مقابل 19 % للنهضة بما يعني أن العنصر النسائي الذي لعب دورا في فوز نداء تونس في انتخابات 2014 هو نفسه اليوم الذي عدّل الكفة لصالح الدستوري الحر في سبر الآراء، وهذا المعطى قد يعيد نفس المشهد السياسي لانتخابات 2014 مع فارق كبير هو تغيير حزب نداء تونس بالدستوري الحر وغياب زعيم تاريخي وهو المرحوم الباجي قائد السبسي الذي يحظى بشعبية مقابل عبير موسي التي لا تحظى بنفس القبول عند الناس بما يعني أن كل من أعرب عن نوايا التصويت لصالح الدستوري الحر قد اختار الحزب ولم يختر شخص عبير موسي.