بقلوب مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره تودع تونس اليوم ومعها الاسرة الدستورية التجمعية احد أبناء تونس البررة المناضل الصادق والوطني الغيور والاطار السامي من إطارات الحزب والدولة الأخ علي الشاوش تغمده الله بواسع رحمته والذي تقلد عديد المسؤوليات المحلية و الجهوية والوطنية وتدرج فيها ووصل اعلاها وترك حيثما مر الأثر الحسن الذي كان وراء ه ما كان يتحلى به رحمه الله من خلق حسن وتواضع زانا ما لديه من كفاءة عالية اكتسبها من تجربته الميدانية الثرية. اذ الفقيد لم يا ت الى المسؤوليات الرفيعة( الوزارة والأمانة للتجمع الدستوري الديموقراطي) مسقطا بل جاءها بجدارته وكفاءته فهو ابن تونس الأعماق التي تعلم أبناؤها في مدرسة الاستقلال التي عم خيرها كل القرى و المدن تدرج الأخ علي الشاوش في مراحل التعليم ليتخرج اطارا ساميا مؤهلا للوظيفة والمسؤولية ليتولى اعلاها وارفعها ويترك فيها الذكر الحسن. *عرفت الأخ الفاضل علي الشاوش رحمه الله من خلال المسؤوليات المتعددة التي تولاها ولكنني عرفته اكثر عند توليه خطة الأمانة العامة للتجمع الدستوري الديموقراطي وعرفت معدن الرجل- ولا يعرف الرجال الا في الشدائد -وقد مرت بي وهو امين عام للتجمع وانا عضو في اللجنة المركزية محنة احتسبها عند الله ولا اريد ان اوظفها -وما اكثر التوظيف في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا -فكان موقف الأخ علي الشاوش رحمه الله الذي لم يمن به في يوم من الأيام ولم يتحدث به جازاه الله خيرا هو موقف عدم المزايدة وركوب الموجة بل اثر الانصاف والتعاطف ولو بصمت بعد التثبت مما دبر من طرف البعض غفر الله لهم بل ظل رحمه الله ومن بعد يتا سف ويكن لي الاحترام ولايتا خرعن القيام ولو رمزيا باقل القليل من انا رة الحق جازاه الله خيرا فضلا عما يبلغني عنه من تقييم موضوعي للرجال وعطاءتهم مما يدل على ما يتصف به رحمه الله من حصافة وبعد نظر فكان رحمه الله لا يتجنبني و لا يتاخر عن السلام والتحية بحرارة ولسان حاله يقول ( اللي في القلب في القلب) وعيناه تشير بمزيد الثبات والصمود فلا بد للباطل ان يزهق ولا بد للحق ان يحق ويعلو والرجل رحمه الله مؤمن عميق الايمان. *كان اخر لقاء لي معه في المقهى التي نجلس فيها مع بعض الاصدقاء ويومها صافحته واهديت له العدد الجديد من مجلة جوهر الإسلام في سلسلة إصدارها الجديد فتقبلها بكل سرور وحبور وقال لي واصل يا شيخ نضالك الله يكون في عونك وما كنت ادري ان ذلك كان اخر لقاء لي به في هذه الدنيا التي ما تنفك هذه الأيام تباغتنا برحيل اخ من إخواننا ورفيق من رفاق دربنا تاركا في قلوبنا اسى وحسرة شديدين لا يسلينا عنهما الا قوله جل من قائل( وان الى ربك الرجعى)وقوله( كل من عليه فان ويبقى وجه ربك الأعلى). * الأخ علي الشاوش رحمه الله مناضل اصيل وابن من أبناء شعبنا الطيب . كان يؤمن با همية التواصل بين مختلف الأجيال يحفظ للمناضلين والمقاومين والرعيل الأول من بناة الدولة الوطنية حقهم وفضلهم على الجميع وكا ن يسبق بالثنا ء عليهم والتقدير لجهودهم وكنت كلما القاه يترحم على الشيخ الوالد رحمه الله ويذكر علمه وجهده ومساهمته في إرساء دولة الاستقلال وتجسيم اختياراتها التي دعمها الشيخ بما اوتيه من قناعة بالتلازم بين البعدين الديني والوطني في تونس. * كان علي الشاوش رحمه الله لابد ان يذكرني بان النهج الذي كان يراني عليه ليس الا امتدادا لنهج الشيخ رحمه الله وكنت اسعد بذلك واحمد الله ان كان هناك دائما من يعرف قيم الرجال ومواقفهم ويحفظها لهم وتلك مكرمة احفظها للاخ علي الشاوش رحمه الله. ان الأخ علي الشاوش رحمه الله الذي يغادرنا الى دار البقاء بنفس مطمئنة راضية بما اسدته لهذه البلاد وشعبها في مرحلة هامة من تاريخها الحديث لا نقول انها خالية من النقائص والسلبيات معاذ الله فذلك ما لاند عيه ولكن أيضا وهذا ما يعترف به كل منصف متجرد انها مرحلة تحققت فيها عديد المكاسب والإنجازات في مختلف الميادين والمجالات وهي بادية للعيان لا ينكرها الا جحود و منكر للشمس في رابعة النهار والاخ علي الشاوش رحمه الله والمئات من الا طارات السامية في مختلف الاختصاصات كان له رحمه الله ولهم نصيب الأسد في المساهمة با قساط لا باس بها فيما انجز وتحقق. * لذلك قلت ان الأخ علي الشاوش رحمه الله غادرنا الى دار البقاء بنفس راضية مرضية لانه صدق فيما عاهد الله عليه في خدمة تونس وشعبها بحسب ما أتيح وتهيا له يصدق فيه وعليه قوله جل من قائل ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا) صدق الله العظيم وندعو الله العلي القدير ان يكون الأخ علي الشاوش ممن عناهم الله بقوله( ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)