موضة فنّية جديدة أصبحت اليوم ، بفضل تواجد وسائل الإتّصال الحديثة ، منتشرة و معتمدة في مجال صناعة الأغاني... فما إن تنجح أغنية ما و تضرب في السّوق العالمية إلّا و تسارع الملحّنون ، من كامل أرجاء المعمورة ، إلى محاكاتها بإستنساخ تركيبتها الإيقاعية و إعتمادها في بناء هياكلهم اللّحنية ، إعتقادا منهم أنّ ذلك سوف يضمن لأعمالهم تلك إنتشارا واسعا و أرباحا كبيرة.... ولا يهمّ إن كانت الأغنيّة المُسْتنْسَخة قادمة من الشّرق أو الغرب أو الهِنْد أو السِّنْد بل يكفي أن تغزو الإذاعات و الفضائيات و تُمرَّر بكثافة في مواقع اليوتوب والصّفحات كي ينهال عليها صانعو المغاني ليقوموا بعملية نزع عظمها و تفكيك أعضائها و إلباسها ثوبا موسيقيا و لُغَويا محلّيا ثمّ يقدّمونها لمواطنيهم على أنّها من إبتكاراتهم الشّخصية!!!! في أغلب الأحيان تنطلي هذه الحيلة ولا يتفطّن النّاس لأصل مصدر و معدن هذه الأغنية الجديدة المركّبة السّليلة ... لكن من حين لآخر تفضح بعض الإذاعات هذه الخدعة بتمرير مقتطفات متتابعة قصيرة لأغاني مختلفة الجنسيات و شهيرة لها نفس الهندسة الإيقاعية و كأنّها مبتكَرة من نفس الملحّن!! يا ناس... الإبداع مخاض فردي ينطلق من أعماق الذّات في عُزْلة تامّة و إعتمادا على المخزون الفنّي الخاصّ و تجنّبا لكلّ ما من شأنه أن يوقع المبدع في فخّ إستسهال سرقة ولو بعض أفكار غيره من الملحّنين و جعلها قاعدة أوّلية و عادية في عمليّة صناعة الأعمال الفنّية.... و كلّ مبدع لا يؤمن بهذا المنطق و لا يعوّل على نفسه و على أزواده الصّرفة و خيالاته الفنّية المنبثقة من صميم فكره و المولودة من رحم تجلّيات موهبته المحضة ، لن يدخل التّاريخ إلّا تسلّلا من بابه الخلفي و لن يوطّن فيه طويلا ولن يُعتبر أبدا من طينة المبدعين الحقيقيّين.. ثمّ لا تنسوا الحكمة الشّعبية التي تقول إنّ "المتغطّي بمتاع النّاس عريان" و هو ، فعلا ، كذلك ، مهما تدثّر و تدفّأ و تلحّف و تغلّف ..