تمر اليوم،2 سبتمبر2020، الذكرى الخامسة لوفاة الطفل السورى إيلان كردى، الذى مات غرقا فى البحر خلال رحلة الهروب، التى قرر والديه خوضها على متن قارب صغير،هروبا من ويلات الحرب الأهلية فى سوريا،كما فعل الألاف من ابناء وطنهم،إلا أن القارب استسلم لموج البحر العاتى وانقلب على رؤوس من فيه. اهتزّ العالم حزنا عندما وجد شرطى تركى خلال مروره على أحد شواطئ بلاده طفلا لم يتجاوز الثالثة من عمره مات غريقا،بعد ان فر أفراد أسرته من موطنهم، باحثين عن اللجوء فى اليونان، لضمان حياة أكثر أمنا مما أصبحت عليه فى بلادهم،إلا أن الموت كان أسرع من القارب وأخذ ما أستطاع حصده من أرواح السوريين الذين كان بينهم ايلان كردى. انتشرت صورة ايلان ميتا فوق رمال احد الشواطئ التركية،ليرتدى الإنسان ثوب الندم والعجز أمامها،مستسلما للواقع الأصعب الذى يُقتل فيه الاطفال والنساء غدرا دون أى عقاب -لحفاة الضمير- وجع..يحزّ شغاف القلب أنا-محمد المحسن-المقيم في الشمال الإفريقي.. أنا الملتحف بمخمل الليل الجريح..أنا المتورّط بوجودي في زمن ملتهب.. أعرف أنّ الوجعَ في سوريا ربانيّ،كما أعرف أيضا أنّ الفعل هناك رسوليّ،لكنّي لا أملك سوى الحبر،وما من حبر يرقى إلى منصة الدّم.وحتى حين يمور الدّم في جسدي باحثا عن مخرج،فإنّي لا أجد سوى الكتابة-الكتابة عن الشيء تعادل حضوره في الزمن،ووجوده واستمراره في الحياة- ولأنّ الأمر كذلك فإنّي أصوغ هذه الكلمات علّها تصل إلى -الصبي الغريق أيلان-* عبر شيفرات الحرية،أو لعلّها تصل إلى كل زنزانة محكمة الإغلاق،وإلى كل معتقل عالي الأسوار،وإلى كل منفى داخل الوطن أو وراء البحار. وما عليك -أيّها الصبي الراحل عبر الغيوم-إلا أن تحييّ الكلمة العربية التي ذُبحَت وجنّت وجاعت..ولم تنتحر بعد. محمد المحسن *أيلان: الطفل السوري الغريق الذي رجّ الكرة الأرضية بجسده الملائكي الذي تلاعبت به الأمواج،إفترش منذ بضع سنين خلت البحر المتوسط سريرا،وترك في الضمير الإنساني وجيعة عميقة لا تجرؤ كلمة على الإقتراب من معناها،أبدا..