…بعد الحرب العالمية الثانية ظهر في شوارع صفاقس علي العسكري، رجل قوي، شعره فوضى لباسه فوضى، خطابه فوضى…يخطب وهو يمشي ويخطب وهو واقف، وخطابه في الغالب سب وشتم وقدح في الاستعمار الفرنسي بتونس وأعوانه من التونسيين…كان يتمتع بحرية التعبير والنقد وليس في شوارع صفاقس من يتمتع بمثل حريته… وقد يكون السبب في أنه مجنون… …واليوم وفي عهد ثورة الكرامة يظهر لي أن حرية علي العسكري فُتحت لها الأبواب فانتشرت في الأحزاب والمنظمات ووسائل الإعلام، فانطلقت الألسن الطويلة بالسب والشتم والقدح والهجاء والذم في البريء والمتهم من الكبير والصغير من المسؤولين، والحزبيين والنقابيين والمؤلفين والملحنين والأيمة والمؤذنين والأطباء والممرضين… فهل نقول: بارك الله في الثورة نشرت في تونس حرية «علي العسكري» ولم تنشر الكرامة والأخلاق ولم تسلم الأعراض من العقلاء والمجانين؟