يبدو أن متاعب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن تتوقف ويبدو أن تصرفاته وأفكاره كذلك لن تجد الرضا والقبول في الداخل الأمريكي وخارجه فمنذ اليوم الأول لقدومه إلى البيت الأبيض بعد انتخابه رئيسا للدولة بدأ يثير الاهتمام ويتعرض إلى النقد الشديد لخطابه الشعبوي القائم على شعار" أمريكا أولا " بما يعني إعطاء كل الأولوية لمشاكل الداخل الأمريكي و لقضايا الفرد الأمريكي و طرد كل العمال المهاجرين والأجانب القادمين أساسا من دول جنوب القارة الأمريكية وكلنا يتذكر الأزمة السياسية التي خلفتها سياسته هذه مع دولة المكسيك والبرازيل والأزمة الأخرى التي كادت تعصف بالعلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي حينما أراد التنصل من الاتفاقات التجارية والاقتصادية السابقة التي تجمع الطرفين ومنع توريد السلع من الصين وخاصة كل ما تعلق بالتكنولوجيا الحديثة وصناعة السيارات وإعطاء الأولوية في ذلك إلى الصناعة الأمريكية وآخر القضايا وليس آخرها التي سببت له المتاعب موقفه من انتشار فيروس كورونا والسياسة التي طبقها لحماية الشعب الأمريكي من العدوى حيث يعاب عليه عدم اكتراثه بخطورة الوباء الذي عصف بالكثير من مراكز الاقتصاد المؤثرة وخلف أعدادا كبيرة من الوفيات وأجبر الدولة على اتخاذ تدابير مالية ضخمة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من مواطن الشغل وتأمين حياة الكثير من العائلات و المواطنين الذين فقدوا أعمالهم والأزمة التي خلفها مع المنظمة العالمية للصحة بعد اتهامها بتهويل الأمر وبانحيازها إلى الصين وبإخفاء حقيقة مصدر الوباء وإخفاء حقيقة كونه عملا متعمدا حسب رأيه قامت به الحكومة الصينية لإرباك الاقتصاد الأمريكي والعالمي وقراره التخلي عن تمويل المنظمة ماليا وشكه في كل المعطيات العلمية الصادرة عنها في التعاطي مع الوباء وكل الإجراءات التي توصي بها للتوقي منه ريثما يتم التوصل إلى لقاح وموقفه من المعطيات العلمية التي تنشرها التقارير الطبية الصادرة عن المنظمة العالمية للصحة والآراء العلمية التي يصدع بها العلماء المتخصصون في مجال الأوبئة والجراثيم والتي يعتبرها مهولة ومجانبة للصواب ليس بالموقف الأخير حيث ظهر له موقف آخر من العلم والمعطيات العلمية كان بمناسبة الزيارة التي أداها مؤخرا إلى ولاية كاليفورنيا التي تشهد موجة من الحرائق غير المسبوقة تسببت في تدمير مساحات كبيرة من الغابات بعد الجفاف الذي عرفته المنطقة حيث رفض دونالد ترامب كل التفسيرات التي قدمت والتي توضح علميا كيف ولماذا تحدث مثل هذه الحرائق وبهذه الكيفية المخيفة التي بدأت تهدد حياة الأمريكان بعد تهديد الوباء المنتشر بصفة كبيرة في صفوف الشعب معتبرا أن التفسير العلمي الذي قدمه خبراء وعلماء بلاده و الذين أرجعوا الظاهرة إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة نتيجة الاحتباس الحراري وتغيرات المناخ التي تسببت فيها تصرفات الإنسان بسلوكه المضر بالكون وإتباعه سياسات تهدد الطبيعة والبيئة بما يؤدي إلى اختلال في النظام الكوني ورفض كل هذه المخاوف إزاء تقلبات المناخ وذهب بكل بساطة وبرودة دم إلى القول بأن الاحتباس الحراري سوف ينحسر تلقائيا ولا داع من القول بأن كوكب الأرض ترتفع حرارته واعتبر أن الحرائق ستنتهي بعد أيام بقدوم موسم الأمطار في تجاهل تام للمعطى العلمي الذي يرد ظاهرة ارتفاع حرارة كوكب الأرض إلى تداعيات النشاط الصناعي المكثف للإنسان الذي تسبب في تغيرات مناخية كبيرة مع تزامن ظهور الجفاف الذي يضرب الكثير من المناطق في العالم ويخلق الظروف المواتية لحدوث حرائق في الغابات يصعب السيطرة عليها. الغريب في شخصية ترامب حسب ما يقوله عنه المراقبون إنه شخصية قليلة الاكتراث بالمعطيات العلمية فالعامل الوحيد الذي يحرك تفكير وأفعال هذا الرجل هو العامل الاقتصادي ومسألة الربح والخسارة المالية فهو مستعد للتضحية بالكثير من الأرواح في مقابل الحفاظ على مصالحه المالية وقد رأينا كيف يواصل التضحية بأرواح الشعب الأمريكي من خلال رفضه التقيد بنصائح المنظمة العالمية للصحة ورفضه اجراءات الحجر الصحي الشامل والبروتوكولات الصحية وقراره تطبيق سياسة مناعة القطيع واليوم أمام موجة الحرائق المدمرة لمساحات كبيرة و غير مسبوقة من الغابات الأمريكية يتنكر للرأي العلمي ويعتبر أن حرائق الغابات في الكثير من المناطق الأمريكية هي مفتعلة و تعود إلى سوء إدارة الغابات ما يجعلها أكثر عرضة للاشتعال. هذه الآراء وهذه المواقف التي نسمعها يوميا من الرئيس ترامب والتي توصف بالغريبة وبالشعبوية والتي تعرف نقدا لاذعا في الصحافة الأمريكية وداخل مراكز القرار الفاعلة والمؤثرة والتي بدأت تثير القلق قد جعلت الكثير من السياسيين يطالبون الشعب الأمريكي وهو على أبواب انتخابات رئاسية جديدة بمطلب غريب ونحن نعيش روح القرن الواحد والعشرين الذي بلغ فيه العلم أوجهه الواسعة ومداه الكبير بأن ينتخبوا رئيسا يحترم العلم وينصت لما يقوله العلماء وأن ينتخبوا رئيسا لا يحرق المناخ ويدمر كوكب الأرض حتى تبني أمريكا مستقبلا أفضل لأجيالها .. فماذا لو صدرت مثل أقوال الرئيس الأمريكي من حاكم عربي ومسلم ؟