" الجبّة العكري و الجبّة القمارية و الشاشية و الصدرية و الفرملة و البدعية و البرنس و القشابية و الكدرون و الملية أو الحرام و الطقريطة و السفساري و الكسوة و ربطة العنق و السروال الممزق و اللباس الأفغاني و النّقاب " و غيرها من الملابس التي يرتديها التونسي اليوم سواء من الرجال أو النّساء كلّها تعكس في حقيقة الأمر و عموما المظهر الخارجي للشخص و لكن أيضا بعض الملابس لا علاقة لها بالشخصية التونسية و لا صلة لها بتقاليدنا و لا بحضارتنا؟ و في هذه الورقة سوف لن نخوض في تاريخ ظهور الملابس منذ العصر الحجري القديم الذي يعود إلى أكثر من 150 ألف سنة حيث كانت الأشكال الأولى للملابس مصدرها الطبيعة و كانت عبارة عن فراء و جلود الحيوانات التي يصطادها الإنسان، و لن نتعرض كذلك لمدى انتشار و تعميم بعض أنماط الملابس الغربية خاصة خلال القرن 19 و القرن 20 حيث كان اللباس الغربي الأكثر انتشارا على وجه المعمورة، بل سنتناول تحديدا في هذه الورقة، من ناحية أولى، ظاهرة انتشار اللباس الأفغاني في وقت ما و خاصة في خلال السنوات الأولى " للثورة " و ما صاحبه من مظاهر متممة على شاكلة الذقون الطويلة و أيضا، و من ناحية ثانية، انتشار ظاهرة " السراويل" الممزقة و ما يعكسه ذلك من عقلية معيّنة خاصة في أوساط الشباب؟ و من هنا نطرح سؤالا واحدا مفاده هل تعكس نوعية لباس الشخص ما يبطنه عقله؟ 1/ظاهرة انتشار اللباس الأفغاني : أوّل بوادر انتشار هذا النوع من اللباس في ربوعنا، سواء الزي الأفغاني للرجال أو النقاب و الحجاب بالنسبة للنساء كانت في رحاب الجامعة و تحديدا إبّان " الثورة " – و كلّنا يذكر ذلك – بجامعة منوبة حيث طالبت المحجبات و المنقبات بحريتهن الشخصية في ارتداء ما يرغبن فيه من لباس الأمر الذي يمنعه قانون المجلس العلمي للكلية قبل " الثورة " إلى درجة تنظيم اعتصام من قبل الطلبة المعنيين للدفاع عن هذا الحق حيث يرى البعض و أنّها حرية شخصية لا يمكن مصادرتها بعد الآن و لكن، لو كان النقاب فرض ديني – كما يدعيه البعض - لما كانت فرائض الحج تؤدّى من قبل المرأة و هي سافرة الوجه و اليدين و لكن يبدو و أنّ في الباطن دوافع أخرى لارتداء مثل ذلك اللباس فهو تعبير واضح للانتماء إلى جهة سياسية بعينها و لا نعتقد و أنّ ذلك من الدين أصلا و لكن للثورة أحكامها و ارتداداتها و مناصريها . أيضا لابدّ من الوقوف عند بعض تصرفات من يلبس مثل هذا الزي غير المألوف لنفهم ما يبطنه عقولهم و مدى انعكاس مظهرهم الخارجي و التصاقه بتصرفاتهم و ميولاتهم لنفهم جيّدا مدى العلاقة بين هذا و ذاك و يكفي التدليل بالهجوم الذي طال الجامعة الأمريكية بتونس لنفهم علاقة اللباس " الأفغاني " بمثل تصرفات و عقليات من يحمله و كلّنا يذكر من كان وراء هذا الهجوم و الحرائق و التلاعب بأثاث تلك الجامعة كان في أغلبهم يلبسون هذا النوع من اللباس ؟ و هل نسينا ما حصل أيضا بجامعة منوبة من محاولة انزال الراية التونسية من على الجامعة و تعويضها براية " الأسود و الأبيض " و هي راية لا علاقة لها بالوطن و لا بالشعب و لا بالإسلام أصلا و من منّا لا يتذكّر تصدي تلك اللبؤة " خولة " لذلك رغم ما كان أن يلحق بها من ضرر مؤكد من قبل المرتكب لتلك الفعلة اللا وطنية ؟ أليس هم ممّن كانوا يلبسون مثل هذا النّوع من اللباس الذي لا علاقة له لا بتاريخنا و لا بحضارتنا و لا بتقاليدنا و لا بأخلاقنا و لا بتاريخ وطننا العزيز . أليس أيضا هذا دليل قاطع على مدى العلاقة الجدلية بين اللباس و الأفعال و بالتالي أسلوب التفكير وفكر العنف الذي يسطر عليهم و الذي يعكسه مظهرهم الخارجي؟؟ و من منّا نسي تلك الخيمات الدعاوية التي انتصبت في كل ناحية من بلادنا و الخطابات المتحجرة التي كان يطلقها منظموها؟ أليس أيضا في ذلك تماهي بين اللباس و مضامنين الخطب و الشعارات التي كانوا يرفعونها؟؟ 2/ظاهرة السروايل الممزقة : " الملابس الممزقة " من كل جانب هي موضة اجتاحت شبابنا و بالتالي مجتمعنا و لم يستثني منها لا الشباب و لا الفتيات و إن كانت معيبة على الذكور فما بالك بالفتيات حيث كشف هذا النوع من اللباس كلّ المستور، من صدور مكشوفة و ركب مكشوفة و أكتاف مكشوفة و سرر عارية و بطون مكشوفة و ربّما في يوم ما ستكشف لنا المزيد من العورات " و الله لا تكشفنا أحوال " و لكن الخطير في هذه الظاهرة، فبعد أ اجتاحت الشارع بما فيه من الأماكن العامّة و المقاهي و المنتزهات و النوادي و الملاهي و النزل فقد اقتربت من المدارس و المعاهد و الجامعات و الكليات و أضحت العلامة المميزة للتلميذ و الطالب بل علامة التحضر و التقدم و التفاخر و التفوق. و في المقابل بقيت العائلة و الأسرة التربوية و المجتمع ككلّ في التسلل و لم يقدر على مجابهة هذه الظاهرة التي سلبت عقول شبابنا بل وحدت بعض العائلات نفسها مجبرة على التكيف مع هذه الظاهرة و مساعدة الأبناء على اقتناء مثل هذه الملابس الممزقة و التي شخصيا لم أجد لها مبررا مقنعا لإقبال أبنائنا على ارتدائها و حتى من لم يقدر منّا من الشباب على اشترائها عمد إلى تمزيق بعض سراويله لتجاري هذه الموضة الدخيلة علينا؟ و السؤال هنا هل يعدّ ذلك – أي ارتداء هذا اللون من اللباس الممزق – هل يعدّ ذلك من باب الحرّية الشخصية أم هو استهتار بالقيم الأخلاقية و حتّى الدينية حيث لم يكن ديننا الاسلامي الحنيف يعارض حسن المظهر و لكن بدون شطط و مغالاة إلى درجة التفسخ و العراء و كشف المستور و خدش الأخلاق و التمرّد على القيم خاصة و أنّ الدين في أكثر من موضع شجّع على الزينة بقوله تعالى " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجد " و بالتالي فالمظهر الجميل و الهيئة الحسنة هي مطلوبة دينيا و دنيويا و لكن بدون جنوح إلى درجة المغالاة و الخروج عن النّص الخاتمة : لنختم هذه الورقة بالميل إلى المنحى الذي نرى فيه علاقة جدلية بين المظهر الخارجي للشخص و بين انعكاس ذلك في ما يأتيه من أفعال و يكفي الاستدلال بالمظهر الخارجي للمرأة " المنحرفة " لنفهم ما تأتيه هذه الأخيرة من تصرفات مشبوهة و مثيرة لنفهم عمق تلك العلاقة الجدلية بين هذا و ذاك بالرغم من أنّ المجتمع بأسره مسؤول إلى حدّ ما في المساهمة في مثل هذه المظاهر التي ترجع على المجتمع نفسه بنتائج سلبية و تنخر ركائز المجتمع السليم و ذلك عبر اهمالنا لتربية فلذات أكبادنا و تنشئتهم تنشئة سليمة و ذلك أوّلا عبر اعطاء المثل في تصرفاتنا و عبر مراقبتهم على كلّ الأصعدة حتّى لا نأتي في الأخير و نسأل من أين هذه البليّة ؟؟