لقد قرات اليوم في ورقة يومية دار الفنون التي انا بها مولع مفتون انه في عام 1958 امر الزعيم الصيني المشهور(ماوتسي تونغ) شعبه بقتل جميع انواع طيور الدوري لانها تاكل المحاصيل وتقلل من الانتاج الزراعي وكان الفلاحون يقتلون عشرات الالاف من هذه الطيور وكان كل من يقتل اكبر عدد منها يتلقى جوائز ومكافآت ويعامل معاملة الابطال الوطنيين وكان من ابرز نتائج هذا الأمر ان انتشر الجراد الذي كانت تاكله طيور الدوري بشكل ماسوي في جميع انحاء البلاد قاضيا على المحاصيل وكانت هذه احدى الاسباب الرئيسية لمجاعة الصين الكبرى عام 1961 والتي تسببت في وفاة 15 مليون صينيا بالجوع) الا يؤكد هذا الذي وقع للصين وما حصل تلك الحكمة التي قالها الحكماء من قبل والتي لم يفهم كثير من الأغبياء حقيقتها (كل آفة ياتي لها الله بافتها)؟ اوليس ما كانت تاكله عصافير الدوري اقل الاف بل ملايين المرات مما اصبحت تاكله بعدها آفة الجراد التي اذا حلت بقوم يعجزون عن مقاومتها حتى ولو جاؤوا باقوى الأسلحة وباضخم العدة والعتاد؟ ولقد ذكرتني هذه الحادثة التاريخية التي حلت بالبلاد الصينية بحادثة اخرى تشبهها حلت بالاراضي الفلاحية الاسترالية في سنة من السنين اذ كما هو معلوم فان اهل استراليا معروفون بتربية الاغنام منذ الاف السنين وكانت الذئاب تهدد سلامة ثروتهم الحيوانية فقرروا التسلح بالبنادق للقضاء عليها بصفة نهائية وقد تم لهم ذلك في اسرع حين ولكن ما الذي وقع لهم بعد ان نقص عدد الذئاب المفترسين؟ لقد فتكت باغنامهم الأمراض الخطيرة المعدية فافنت من الاغنام اضعاف اضعاف ما كانت تاكله الذئاب اذ من المعلوم ان الذئاب لا تاكل من الغنم الا المريضة التي تتاخر وتعجز عن الفرار من وجهها فيتخلص منها القطيع ويسلم من انتقال دائها وانتشار مرضها... فسبحان الله رب العالمين الذي جعل الحياة على وجه هذه الأرض مقامة على قوانين وسنن حكيمة تحفظ توازنها بما لا يعلم منه الناس الا النزر القليل اما اذا ارادوا ان يغيروا قوانينها بتسرع وجهل مبين فان العاقبة ستكون وخيمة طبعا وقد ذاق الناس قديما وحديثا ويلات وعواقب افعال اقترفوها وكانوا يظنون ويحسبون انهم سيجنون من ورائها الربح الوفير والخير العميم فاذا بهم يجدون فيها ما لم يكونوا يتصورونه من الفواجع والأزمات والخسران المبين والجحيم العظيم.