وهذه بشرى ما في ذلك شك تطمئننا.. وتشرح صدورنا.. وتزيل تخوفاتنا.. ومن شأنها كذلك أن تبعث الطمأنينة في نفوس المستثمرين الأجانب.. وتشجعهم على الاستثمار في تونس .. وخلق مواطن شغل لآلاف من شبّاننا.. ولكن علينا أن نقرأ قرار المجموعة اليابانية قراءة صحيحة وواعية ومسؤولة ونضعه في اطاره الصحيح.. وهذه القراءة يجب أن تقول لنا في ما تقول أن كل شيء اذا زاد عن الحدّ ينقلب الى الضدّ.. وقد زادت الاعتصامات والاضرابات والطلبات عن كل حد حتى صرنا نتنافس في المطالبة وفي «التهريس».. عوض أن نتنافس في العمل والكدّ والاجتهاد.. ولا أظن المجموعة اليابانية «يازاكي» إلا جادة كل الجدّ في قرار بقائها في تونس ولكنها كذلك لم تتراجع مائة بالمائة بقدر ما أعطتنا فرصة أخيرة تختبرنا خلالها وتمتحن فيها عمالنا فإذا كانت النتيجة إيجابية فإنها ستواصل وإذا كان العكس فإنها ستغادر وتنتقل الى حيث تجد من يعمل ويجتهد ويحترم المؤسسة التي لا تستطيع أن تلتزم له بحقوقه إلا اذا هو اشتغل وقدّم ما يجب أن يقدّم من جهد وعرق.. وأتمنى أن نستخلص الدرس من هذا الذي حدث لنا مع المجموعة اليابانية ونفهم للمرة الأخيرة ان التصعيد.. و(صحة الراس).. وتعطيل العمل.. والاصرار على الطلبات المشطّة لن توصلنا إلا الى الخسارة الفادحة.. فتخسر كل الأطراف.. ونتراجع أكثر فأكثر مثلما يحصل الآن.. إن ما نعيشه الآن هو نزيف مالي واقتصادي واجتماعي بأتمّ معنى الكلمة.. وهذا النزيف مثله مثل كل نزيف لا يؤدي إلا الى العجز والهلاك والموت.. حبذا لو نستخلص العبرة من هذا الدرس الذي أعطته لنا المجموعة اليابانية فنفهم نهائيا إمّا.. وإمّا.. فإما عمل واجتهاد فنجاح ورقي.. وإمّا فشل وخيبة وتخلّف.. ولا أظن أن هناك في تونس من يراهن على الفشل بعد الثورة فمن غير المعقول أن ننجح في القيام بثورة أصبحت نموذجا عالميا ثم نتفرغ بعد ذلك للتحطيم والتهريس وزرع الأشواك.. لا أظن.. بل أعتقد اعتقادا جازما أننا سنراهن على النجاح الى أن نبلغ بتونس ذلك المستوى الذي لطالما حلمنا به..