عادل عبايدي كان ملف الاختراقات الاجنبية ولا زال ام الملفات التي تؤرق التونسيين فالزوبعة التي لطالما اثارها السفير الفرنسي اوليفيي بوافر دارفور من خلال حضوره المريب في كل المناسبات وغير المناسبات ألقت بظلالها على الكثير من الانشطة المشبوهة في تونس. ففي حين كانت الاعين مشدودة اليه تسلل منذ سنة تقريبا عدد من ضباط الاستخبارات الاماراتيين تحت غطاء دبلوماسي ليوزعوا في تونس. وقد كشفت كبريات الصحف الغربية هذا الملف فعلّقت صحيفة لوموند الفرنسيّة على ذلك قائلة أنه بعد عودة حركة الملاحة الجويّة إلى وضعها الطبيعي إثر أزمة في هذا الخصوص نهاية عام 2017 بين تونسوالإمارات العربية المتحدة، إلا أن الأزمة بين تونسوالإمارات أعمق وأكثر تشعبا من مجرّد "ترتيبات أمنية" كما صرحت سلطات أبو ظبي بشأن منع التونسيات من السفر إلى أوعبر مطاراتها. تقرير الصحيفة الفرنسيّة سبقه تسريب وثيقة من داخل وزارة خارجيّة الإمارات تضمّنت تقدير موقف من الأزمة الأخيرة المندلعة مع تونس وتضمّن إعترافا واضحا بإمتلاك حكّام أبو ظبي أذرعا جمعياتية وإعلامية ناشطة في تونس ناهيك عن التحريض الواضح ضدّ حركة النهضة الشريكة في السلطة، أذرع تؤكّد تقارير كثيرة من بينها تقرير ورد على الصحيفة الفرنسية نفسها السنة الفارطة أنّها مرتبطة بأذرع سياسية تونسيّة تشتغل ضمن مسارات الأجندات الإماراتية العاملة بكل السبل من أجل الإنقلاب على الثورات وعلى الديمقراطية في الوطن العربي. بعد تقرير الصحيفة الفرنسيّة، تقرير آخر على موقع ميدل ايست آي البريطاني يتناول مراسلة مسرّبة من ضابط مخابرات إماراتي في تونس موجهة إالى سلطات أبو ظبي سنة 2016 موضوعها تشكيل "حزام سياسي برلماني" يعمل ضمن الأجندات الإماراتية في البلاد، حزام يتشكّل بالأساس بعد شراء ذمم عدد من النواب وتشكيل "شبكة تجسّس" تعمل بشكل مركّز على إضعاف حركة النهضة وتدميرها. ومع هجوم اعلامي تونسي على الخلايا الاستخباراتية الموجودة في تونس خصوصا 33 عنصرا تم استقدامهم بحجة حماية السفير الإماراتي بالإضافة الى كشف شبكة سعيد سالم الحافري التي تعمل لصالح جهاز أمن الدولة الاماراتي على الأراضي التونسية، وتبين أن هذه الشبكة يديرها هذا الضابط في المخابرات الإماراتية الذي يقيم في تونس بدأت أبو ظبي وحلفاؤها بتغيير التكتيك. وفي هذه المرحلة رأت الدوائر الإماراتية أن تغيير الفاعلين على الأرض مهم جدا وقد اختارت الحليف المصري لإدارة المعركة الاستخباراتية وهو ما بدأ يتوضح فعلا من خلال معلومات متواترة عن استقطاب مجموعة من العناصر التونسية النشيطة الذين أخذوا في التوافد على القاهرة تباعا أين يتم استقطابهم بشكل متسارع وركز على ثلاث نقاط أساسية وهي الجانب الأمني والجانب الإعلامي والجانب الثقافي وتم الابتعاد قليلا عن الملف السياسي حتى لا يتم لفت الانتباه الى عمل هذه الخلايا. ومن ضمن الشخصيات التي تم التركيز على استقطابها "الخبيرة بدرة قعلول" رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والعسكرية والأمنية التي كانت حاضرة في أغلب المؤتمرات الصحفية والندوات التي تحصل في الإمارات والبحرين ومصر أهمها مؤتمر الشباب الذي نظمته مصر للدعاية لنظام السيسي. لقد توضح الارتباط الحاصل بين بدرة قعلول واللوبي المصري الاماراتي من خلال الحضور القوي والسريع لرئيسة المركز الدولي للدراسات العسكرية والامنية في قناة الغد التي يمولها محمد دحلان مباشرة بعد عملية جندوبة وتصريحاتها التي تصب في مصلحة النوايا الانقلابية وهو ما كلفها سخطا شعبيا ونخبويا واضحا قد تدفع ثمنه عبر القضاء عاجلا او آجلا. لكن الخطير في ملف الجوسسة المصري هو تجاهل الجانب الرسمي التونسي لهذه الاختراقات الكبيرة خصوصا وان الجرأة المصرية تعدت مجرد اللقاءات مع الاعلاميين والمثقفين التونسيين ووصلت الى حدّ تنفيذ عمليات خطيرة كان أبرزها اقتحام منزل مراسل قناة الشرق المصرية المعارضة وتعنيف مراسلها بطريقة وحشية ورغم انه تقدم بشكاية الا ان الجانب التونسي اضطر الى غلق الملف بسرعة دون محاسبة الفاعلين. هذا التجاهل التونسي لملف الاختراق الاماراتي عبر اذرعه المصرية شجع هذه العناصر على مواصلة تمريغ هيبة الدولة التونسية عبر تخطي كل الخطوط الحمراء وتكثفت هذه التحركات يمينا وشمالا واستفحلت في قطاعات عديدة اهمها الثقافة مما دفع عددا من المثقفين في مقدمتهم الكاتبة هيام الفرشيشي الى اطلاق صيحة فزع تجاه السيطرة المطلقة لهذه الاجهزة على قطاع الفن والثقافة وصل حد الحديث عن سيطرة هذا اللوبي على وزارة الثقافة ووزيرها ايضا. ورغم وضوح الرؤية إلا ان الجانب التونسي لا يتحرك لصدّ هذه الهجمة التي تستهدف الديمقراطية الناشئة بنفس الطرق الإماراتية القديمة لكن بأيادي مصرية هذه المرة.