أبو مازن اللّهم سلّم بلادنا من الكوارث و الويلات و أحفظ أهلها فلا ملجأ لهم عند سواك. قد اعتدنا أن تفعل الطبيعة الأفاعيل في الشمال و الجنوب و الداخل عموما فيتّخذ المسؤولون الصور و تتجه إلى الأهالي الإعانة ثم يتركون لقسوة الطقس فلا يزورنهم إلاّ عند نائبة أخرى. هكذا عوّدتنا قنواتنا الوطنية و غيرها من وسائل الإعلام و لكنّ الطبيعة راوغت الدولة هذه المرة و هددت الساحل فجعلته ممزقا بالوديان و أرعبت السكان فبات من بات في العراء و فارق من فارق الأهل والخلان. الله المعوّض في المال و الأهل ولكنّ جُرم العهد "الخرب" الذي ظننا أنّه قد ارتكب فضاعات في الداخل فقط، قد أصاب البلاد برمّتها. لقد تهاوت الشوارع والأرصفة و البنايات وغمرت المياه المدن و الأرياف في الوطن القبلي وخلّفت أضرارا جسيمة حتى صرنا نستغرب ما أطلق من تسميات كالعهد الجديد وعهد التغيير وعهد الامتياز و هلمّ جرّا... ويبقى السؤال الذي يؤرق أركان النظام السابق و وزرائه: ماذا كان يصنع المخلوع و قبيله لعقدين من الزمن غير الاستبداد و قمع أهل الوطن و اذلالهم ليكونوا رعايا له؟ لقد ازدهرت في العهد الخرب صفقات الفساد فتفننت الإدارة في إعداد كراريس الشروط المشبوهة و تفنن المقاولون في تفتيت الأشغال مناولة بين أهل الصنائع فتاهت المراقبة و تعددت الرشاوى و أضحت المنجزات أكداسا من الاسفلت والأحجار كلّما هطلت الأمطار أو اشتدت الرياح. يبدو أنّ كل ما شيّد في تلك الفترة لا يخلو من النقائص ولا يوافق المواصفات ولعلّ هذا الأمر قد تواصل بعد الثورة لمّا اشتدت سطوة الفساد فتجاوزت الدولة و أثخنت جراحها. ويبقى المتابع للاحداث مشدوها لكل ناعق أنّ "قبل الثورة كنّا بخير" وهو اليوم يلامس واقعا مريرا صنعته آلام الناس في أرجاء الوطن. لقد تفنن الاعلام المغرض في ابراز سوءات ما بعد الثورة حتى كره الناس الحرية و الديمقراطية وتمنى البعض عودة الاستبداد على ظهر دبابة. نعم الناس لا يعلمون خبرا يقينا واحدا على فساد العهد الخرب و رجالاته فالماضي قد مجّدهم و القضاء قد برّأهم و أهل الثورة كانوا أهل سماحة و فضائل فدعوهم لنسيان الماضي و الانصراف الى بناء الوطن الذي لم يغادر البتة عقد الاستقلال اذ اتضح أنّ الانجازات قد أقيمت كما اتفق و دون أي تخطيط حكيم و إنّ "الأبّهة" التي امتاز بها الساحل كانت مرتهنة بنصف ساعة من تهاطل الأمطار. هكذا يستشعر الجميع أن الوطن محتاج قبل أي وقت مضى جهد أبنائه كافة لاستكمال الاقتصادي و العمراني وفق بنية تحتية سليمة و مدروسة ينجزها اكفاء غير أولئك الذين اغرقتهم الرشاوي في بحور و استكامل بنائه السياسي ومؤسساته الدستورية على يد نواب شعب صادقين يمثلون فعلا مناطقهم المترامية في أرض الوطن و لا يخلفون وعودهم التي قدّموها ولا يبدلوا ألوانهم السياسية كل يوم كما يبدلون أقمصتهم أو جواربهم. حفظ الله الوطن وأبدلنا أحزاننا على اهلينا المتضررين أفراحا بالمحاصيل الزراعية القياسية و وفرة المنتوج الفلاحي الذي يبقى الكفيل الوحيد لخلق الثروة الوطنية المحقق لازدهارها على جميع الأصعدة.