- طارق عمراني - نشرت صحيفة الواشنطون بوست الأمريكية على موقعها الالكتروني مقالا تحت عنوان The democratic success story that no one is talking about للكاتب كريستيان كاريل رئيس قسم الرأي في اليومية الأمريكية و اعتبرت الواشنطن بوست، أنه في الوقت الذي ينتقد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و سائل الاعلام و المعارضة بعد التلويح بعزله في علاقة بتجاوزات على مستوى السياسة الخارجية الأمريكية، و في الوقت الذي يستعد فيه البرلمان البريطاني للتصويت على البرنامح التشريعي لرئيس الوزراء بوريس جونسون الامر الذي يشي بتشكل حكومة عقيمة بسبب الانقسام العميق حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، و في الوقت الذي حقق فيه حزب القانون و العدالة البولوني الاستبدادي نصرا مدويا كمكافأة له على هجومه الممنهج على حرية الصحافة و المؤسسات الديمقراطية، فهناك و في دولة صغيرة في شمال افريقيا تأتينا أخبار سارة حيث أنهت تونس الاستحقاقات الانتخابية بالعلامة الكاملة حيث قال الشعب كلمته و اختار رئيسه بالاغلبية حيث تغلب أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد على منافسه نبيل القروي بشكل مريح، فالقروي كان مشروعا لمستبد جديد على غرار الفيليبيني رودريغو دوترتي و الامريكي ترامب و مع ذلك فقد خسر و استسلم لمنطق الصندوق رغم تمويلاته الضخمة و علاقاته الملتبسة بدوائر القرار السياسي و المالي. و أردف كريستيان كاريل بأن التونسي كان بإمكانه انتخاب القروي بإعتبار الظروف الاقتصادية و الاجتماعية الكارثية خاصة أن المترشح المذكور قد تبنى خطابا اجتماعيا شعبويا و مع ذلك فقد اختار الشعب التونسي رئيسا من خارج المنظومة في إطار توجه انتخابي تغييري بتغليب المبادئ على الشعبوية. و أضاف كاريل أن هذا لم يكن مفاجئا من الشعب التونسي الذي أبهر العالم بالنفخ في شرارة الربيع العربي سنة 2011 و طرد الديكتاتور بن علي و هو ما فتح أبواب التغيير على مصراعيه في المنطقة العربية و بالرغم من استسلام دول اخرى من دول الربيع العربي لموجات الثورات المضادة على غرار مصر و سوريا و ليبيا و اليمن، فإن تونس شقت طريقها نحو الديمقراطية بثبات رغم كل المطبات في أكثر من استحقاق انتخابي أفرز حزبا إسلاميا في التشريعيات و هو حركة النهضة التي نأت بنفسها عن الأجندات المتشددة و قبلت بشروط اللعبة الديمقراطية رغم محاولات القوى العلمانية تحجبم نفوذها و كبح الحريات المدنية و اعادة تونس الى مربع السلطوية، ومع ذلك فقد استمر الشعب التونسي في تحكيم صناديق الانتخابات لتقول كلمتها مع اللجوء للشارع لتعديل الأوتار بشكل سلمي. و استدرك المقال بالتسليم بأن الشعب التونسي لا يزال غير راضيا على تدهور المقدرة الشرائية و الظروف الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة لكنه غلب المصلحة العامة و امن بالديمقراطية. و أشار الكاتب ان الشعب التونسي قد كذّب السردية البذيئة من الدول الغربية التي تقول بإستحالة نشأة الديمقراطية في التربة العربية المستبدة بطبعها. و ختمت الواشنطن بوست مقالها بالتلخيص بأن تونس علاوة على تايوان و هونغ كونغ هي مستقبل الديمقراطية التي ستخرج من معقلها التاريخي في أوروبا و الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن لا تزال الطريق وعرة.