كتبه / توفيق الزعفوري.. في السياسة، لا يوجد أعداء دائمون، و لا أصدقاء دائمون، بل مصالح مشتركة، في السياسة تتوقع كل شيء بمناسبة أو بغير مناسبة، تفاوض على المباشر، و تفاوض وراء الكواليس ، مشاورات خلف الأبواب المغلقة، و غير معلنة، و أخرى في شكل بالونات إختبار،صالحة فقط للإستهلاك الشعبي.. ما صرح به السيد راشد من على المنابر، في أغلب الجهات ، و أمام مناصريه أنه لن يتحالف مع الفاسدين في إشارة إلى حزب قلب تونس، و أنهما بذلك خطان متوازيان لن يلتقيا، تماما كما كان يقنع مناصريه قبل التحالف مع النداء، و اتهمه وقتها، أنه أخطر من السلفيين!! فإذا بهما، و برغبة طامع يلتقيان البارحة، السيد راشد و السيد رضا شرف الدين عن قلب تونس من أجل رئاسة البرلمان..و ليس من أجل تونس للأسف!!! نريد أن نعرف و نقيس حجم السقوط الذي تردّى فيه هذان الحزبان بهكذا إتفاق، نريد أن نفهم حجم الخديعة، و نسبة النفاق العالية التي أصابت مسؤولي الحزبين، و هما يقصفان بعضهما طيلة الشهور الماضية، ثم يعقدان صفقة، صفقة القرن، يتم بمقتضاها تزكية نواب قلب تونس لراشد الغنوشي لرئاسة مجلس النواب، مقابل خدمات مؤجّلة لفائدة السيد نبيل القروي و حزبه في قادم الأيام.. أما مناصروا الحزبين فحربهما تشبه داحس و الغبراء، و هي تتقد في كل مناسبة إنتخابية.. هذا الإتفاق "الحرام" يذكّرنا بزيجة النهضة و النداء منذ سنوات، و ما انجر عنها من إنشقاق و تشقق و إرباك للعملية السياسية، و إحتقان واضح بين مناصري الحزبين.. إذا كان التيار الديمقراطي لم يكن واثقا في الشيخ بعد ثلاث لقاءات في ظرف أسبوع ، فما الذي يجعل قلب تونس يثق في مونبليزير بعد لقاء يتيم!!؟. في السياسة ليس هناك صك على بياض، و ليس هناك دعه يعمل دعه يمر، بل هناك تنازلات و خدمات متبادلة، قلب تونس قدم خدمة للشيخ لم يكن يحلم بها، في آخر أشواط التفاوض و هي إخراجه من فخاخ التيار و حركة الشعب، و سيكون الشيخ أكثر تحررا و أكثر أريحية في باردو و في القصبة ، و ستكون التفاهمات القديمة و مطالب التيار و حركة الشعب قد سقطت في الماء، و لم يعد لهما من أوراق الضغط شيئا، و لم يعد الشيخ ملزما تجاههما بأي شيء، إتضح من خلال لقاء البارحة من هم في الحكومة و من هم في المعارضة، يمين، و يمين متطرف تحت القبة، و يسار و يسار متطرف في الشوارع.. هنيئا لنا بالديمقراطية..هنيئا لنا بالتفاهمات، هنيئا لنا بالتعليمات، و لا عزاء للشعب، فقد انتهى دوره أيام الإنتخابات و ذاك حسبه، أما نحن فنقول "إن لم تستح فأنتخب من شئت" !!.