من أرشيف الطاهر العبيدي (قصة حقيقية مؤثرة جدا ...فظاعة جرم النظام السابق ) سميرة العيساوي - سيدي بوزيد إني الممضية أسفله سميرة العيساوي صاحبة بطاقة تعريف وطنية عدد 04329850 طليقة الجمعي الخصخوصي المسجون سابقا بتهمة الانتماء إلى حركة النهضة، أتوجه بندائي هذا إلى كل المؤمنين بقيمة الإنسان هذا الكائن الذي اجتباه الله وفضّله على سائر مخلوقاته والذين لا هدف لهم إلا تحقيق الحرية للجميع والعدالة والمساواة أمام القانون. أتوجه بندائي إلى كل العشاق، عشاق الوطن بسمائه ومائه وترابه، بصحاريه وجباله وسهوله، بغاباته ومراعيه، بحيواناته وناسه، نعم وناسه فالإنسان هو رأس مال هذا الوطن. أتوجه بندائي هذا لعلهم يساندونني في محنتي التي أقصها عليكم: * بداية المأساة كانت سنة 1990 إثر الفياضانات التي عاشتها سيدي بوزيد وما تلاها من أحداث حيث قبض على زوجي الجمعي الخصخوصي بينما كنت آنذاك أتولد في المستشفى أين قضى في السجن سنة كاملة ليجد نفسه بعد ذلك مفصول من وظيفته بمصالح وزارة التجهيز. ثم تمّ القبض عليه مرة ثانية سنة 1993 وهذه المرة بتهمة الانتماء لحركة النهضة حيث قضى بغياهب السجون خمس سنوات كاملة. وأثناء سجن زوجي طردت من عملي بمصنع " شتايف" وذنبي الوحيد أنني زوجة الجمعي الخصخوصي بعد 13 سنة قضيتها في العمل، كما وقع تهديدي إن أنا طالبت بحقوقي التي يكفلها لي القانون أن ألحق بزوجي في السجن. حاولت بعدها الاتصال بالسلطة بل واتصلت بالوالي وكان آنذاك السيد محمد الغرياني والمسؤولة النسائية السيدة مرزوقة مليكي الذين امتنعا عن مساعدتي وأنا أم لسبعة أبناء إلا إذا طلقت زوجي، وهذا ما حدث فعلا كرها وتحت الضغوط المتوالية. وقع بعدها تمكيني من شغل منظفة في المستشفى الجهوي بمرتب 110 دينار أدفع منها 75 دينار كراء المسكن الذي يأويني وصغاري. * عندما خرج زوجي، عفوا طليقي من السجن استبشرت وأبنائي بذلك لأن القفة كما يقال يحملها اثنان، ولكن هيهات أصبح يقيم تقريبا في مراكز الأمن حيث يوقّع صباحا مساء بدعوى المراقبة الإدارية رغم أن المحكمة لم تأمر بذلك. مرض ابني بمرض مزمن " قصور في الكلى " مما يستوجب معالجته دوريا بتصفية دمه إضافة لنظام حمية خاص به، وعجزنا على القيام بذلك. ثم مرضت ابنتي بمرض القلب وهو بدوره مرض مزمن يحتاج إلى مصاريف كثيرة. وأكاد أجزم أن أبنائي كلهم أصابتهم الأمراض نتيجة سوء التغذية والضغوط النفسية التي نعيشها منذ أكثر من عشر سنوات. * كنا نلتجئ إلى السلطات وخاصة الولاية طالبين المساعدة ولكن لا حياة لمن تنادي، في إحدى المرات حاول طليقي الانتحار داخل الولاية وذلك عندما انسدت السبل أمامنا وهو يستغيث "أكفلوا أطفالي ... " * لم نيئس وقد حاول أب السبعة أطفال التحسيس بالمظلمة لدى السلطات ومحاولة إيجاد مخرج ولكن لا نتيجة ولا قلوب ترحم بل نتيجة عناد طليقي قامت الشرطة بتأديبه وذلك بضربه حتى كسرت يده. وبعد أن تعافى قليلا حاول مجددا دون جدوى وعند شعوره باليأس وأمام حالة أطفاله الذين يراهم كل يوم يهلكون أمامه جوعا ومرضا وأمام حالة الحصار التي ضربتها السلطة علينا حتى لا تقع مساعدتنا، وهو ما انتهى بزوجي إلى القنوت إلى أن أضرم في نفسه النار داخل المحل الذي نسكنه.. و لولا لطف الله وتدخل بعض الأجوار لشهد أطفالي أبوهم وهو يحترق أمامهم. بعد هذه الحادثة زجت السلطات بزوجي في مستشفى المجانين ووقع إيقافي عن العمل بالمستشفى الجهوي القريب من سكناي حيث أشتغل منظفة بالليل ثم أعود للبيت نهارا لأهتم بأطفالي وطلبوا مني الانتقال للعمل بدار الشباب البعيدة عن محل سكناي بحي القوافل والتي يجب أن أتنقل إليها بواسطة وسيلة نقل وهو ما عقد حياتي أكثر. * من يعاقب من ؟؟ من منا الضحية ومن الجلاد ؟؟ هل يعاقب زوجي لأنه قد يكون تعاطف يوما مع حركة النهضة ؟ أم يعاقب أطفالي السبعة وأمهم التي عندما وعدوها بتقديم يد المساعدة لها ولأطفالها على أن تطلق زوجها طلقته مكرهة ؟ هل يعاقب زوجي بعد أن قضى عقوبته بالسجن وخرج ليعيل أطفاله فوجد نفسه مفصولا من العمل ومحاصرا ومراقبا ليلا ونهارا... ؟ * إخواني أبناء هذا الوطن.. إني أستجير بكم فأجيروني .. إنه لم تبقى لي من رغبة إلا أن تكفلوا أطفالي السبعة وتوفروا لهم القوت والعلاج واللباس والسكن والدراسة.. وأن تعملوا على ترسيمي في عملي.. وأن تعملوا على إخراج زوجي من المستشفى الذي رُمي فيه ظلما وأن تعيدوه إلى أبنائه وأسرته وتدمجوه من جديد في المجتمع لعل جراحنا تندمل. - صحيفة "الموقف" الأسبوعية، العدد 275 ليوم الجمعة 30 جويلية 2004) - تونس نيوز 2 أوت 2004