أبو مازن بعد استراحة العيد عادت حادثة الأوراق الملغاة يوم جلسة سحب الثقة الى النقاش الحاد الفايسبوكي حيث تبادل البعض الاتهامات فوصف فريق الكتلة الديمقراطية بعض النواب بالخيانة ونشط التخوين والسباب بين النواب ومناصريهم. ويبقى السؤال من صوّت بلا ومن أصر على أن تكون ورقته ملغاة أو بيضاء؟ الحقيقة الأولى أن عدد المصوتين أو المشاركين في الاقتراع لم يتجاوز المائة واثنان وثلاثون وهو ما يجعل المهمة سهلة جدا في التعرف على ماهية فشل التصويت بسحب الثقة. أما الحقيقة الثانية فان نواب النهضة المعنيين بدعم رئيس المجلس ورئيس حركتهم لم يصوتوا وبذلك كانوا خارج من صوتوا بعدم سحب الثقة. وكذلك نحا نحوهم نواب ائتلاف الكرامة القريب من النهضة. الحقيقة الثالثة أن الكتلة العبيرية متماسكة جدا في المجلس والاعتصامات فهي تقاد على ما يبدو بمنطق ديكتاتوري وسلطوية مبالغ فيها، وبذلك لا يعزونا الشك في تصويتهم بنعم لسحب الثقة وتعدادهم ستة عشر. وبعملية حسابية بسيطة يكون باقي المصوتين مائة وستة عشر ويكون باقي من صوتوا بنعم واحد وثمانون. اذا اعتمدنا فرضا أنّ من أمضى اللائحة وهم ثلاث وسبعون قد صوت بنعم فإنّ باقي النواب الذين صوتوا بنعم أيضا لا يجاوز السبعة نواب وهذا ضرب في حد ذاته لكل العمل المضني من مكالمات متعددة وتنبيه ومهاترات وتصوير يوم الجلسة. أما اذا راودنا الشك في امضاءات الثلاث والسبعين وقلنا أن المائة وستة عشر شاركوا في صناعة القرار أي أن الأوراق الملغاة والبيضاء والرافضة للسحب تحسب داخل التكتل المعلن الذي كان يحدثنا الجلاد وحسونة والعجبوني وغيرهم عن تماسكه وذهابه الى سحب الثقة فان الأمر يصبح أخطر. هنا تعود الذاكرة الى عديد جبهات الإنقاذ التي أسست عبثا عند كل موعد سياسي أو حادث مؤلم مرت به البلاد حيث حاول البعض انتزاع الشرعية دون رؤية مستقبلية ولا قرار موحد بعد أن تبيّن أن وحدة هذا التكتل تقتصر على مستوى الكره و الرغبة في الاقصاء. يبدو أنّ الأمر أعدّ على عجل رغم كل التحشيد وأن الأدوات المستعملة لتثبيت التصويت تخالجها الغباوة وقلة المعرفة. انّ النائب مطالب أن يلتزم بقرار كتلته قناعة وليس فرضا فان غابت الحجة عن قادة قبيلته السياسية فلا نلومه على ما اقترف من حرية سواء اتلف ورقته أو أضاعها أو صوت بنعم ولا في نفس الوقت. لكن الوجه المشرق هو نجاح التونسيين في تناول موضوع يشغل بال العديد منهم بطريقة ديمقراطية فيهب الجميع الى الصندوق ليفصل بينهم ويمتثلون الى نتيجة الاقتراع.