- حاورها: وائل الرميلي - أصدرت الفنانة التونسية الشابة نورة الغرياني خلال الفترة الماضية أول فیدیو كلیب لها باللغة الأمازيغية تحت عنوان "تاكروست" والذي تم تصويره بموقع يونقة الأثري بمدينة المحرس، وهي المرة الأولى التي یتم فیها إستغلال هذا الموقع التاریخي العریق لتصویر فیدیو كلیب. وعن تصوير هذا الفيديو الكليب وسبب اختيار الفنانة نورة الغرياني الموقع الأثري يونقة واختيارها لكلمات الأغنية باللغة الأمازيغية والرسالة التي أرادت تبليغها، كان لنا معها هذا الحوار. لماذا أخترت هذا المكان لتصوير أول فيديو كليب لك ؟ لم يكن إختيار الموقع إعتباطيا ، بل كان متعمدا لقيمته العاطفية والرمزية في نفس الوقت. ليس هناك مكان أفضل للفنان من مسقط رأسه لتصوير أول فيديو كليب لأغنيته. صفاقس هي المكان الذي كبرت فيه وعشت طفولتي وأنا ممتنة لهذه المدينة التي تعلمت فيها كلماتي الأولى لذلك فإن هذا الإختيار جاء كتعبير عن عرفان بجميل وشكر لما تركته من أثر في نفسي. صفاقس هي نقطة البداية ، لكن رحلتي و مغامرتي الموسيقية ليس لها حدود . تم تصوير الفيديو كليب تحديدا في موقع يونجا الأثري الذي يبعد 45 كم على مدينة صفاقس و 10 كم جنوبالمحرس. تأسس حصن أو قصر يونجا في العهد البيزنطي وهي المرة الأولى التي يتم فيها إستغلال هذا الموقع التاريخي العريق لتصوير فيديو كليب. رمزية المكان في القصة تكمن في دوره في الحماية و الحراسة حيث يأخذ هذا البعد لنشر رسالة مفادها أن الثقافة الأمازيغية محمية و صامدة صمود الحصن . من الجدير أن نذكر أيضا أن كلمة "المحرس" بالعربية تتشابه مع كلمة "صفاقس" التي تعني المدينة " الحارسة " أو "المحاطة بالأسوار" باللغة الأمازيغية . ما معنى "تاكروست" ؟ عنوان الأغنية " تاكروست"ⵜⴰⴽⵔⵓⵙⵜ يعني العقدة أو المشكلة باللغة الأمازيغية (في منطقة تمزرط). و يصف العنوان شعور الشاعر والفنانة في نفس الوقت بطريقتين متناقضتين . عقدة الشاعر هي أنه تعرض للتمييز الثقافي في طفولته ، فقد عاش في سياق تاريخي مُنع فيه من التحدث و التعبير عن نفسه بلغته الأمازيغية الأم ، مما جعله يواجه صعوبات في التواصل مع المعلمين في مدرسته والإطار التربوي. لم يكن من السهل عليه التغلب على تلك "العقدة"، لكنه إستمد قوته من كتابة الشعر و تعلقه بلغته و آفتخاره بالإنتماء لهذه الثقافة. عقدة الفنانة مختلفة ، فقد ولدت في بيئة غير ناطقة باللغة الأمازيغية ، لكنها إكتشفت عراقة التاريخ المشترك و الثقافة التي تجمع بلدان شمال إفريقيا و تتجاوز الحدود الجغرافية ، و ايقنت من خلال رحلتها في البحث ما تزخر به الدارجة التونسية من عبارات و مفردات ذات أصول أمازيغية ، و آمنت بأهمية الحفاظ و نشر هذه اللغة الثمينة من خلال الموسيقى . حول ماذا يتمحور موضوع الأغنية ؟ هو خطاب موجه للأم یبین الرغبة الجامحة في الحصول على كتب باللغة الأمازیغیة وتعلم حروفها ، والسعي لآكتشاف الأرض واللغة والتاریخ وحضارة الأجداد. إن الكلمات تبرز صمود الأمازیغیة منذ آلاف السنین بفضل مقاومة شعبها لكل أشكال الطمس الثقافي وعمق جذورها في الأرض، وهي رسالة للأجیال القادمة لتتسلم المشعل وتساهم في حمایتها . ماهي الرسالة التي أردت تبليغها ؟ أن الهدف الاسمى هو تحفیز الوعي بمفهوم الخصوصیة وتأثیره على التماسك الإجتماعي، أي ضرورة تثمین الهویة الثقافیة و فرض وجودنا في عالم أصبحت العولمة فیه مهیمنة على العدید من مجالات حیاتنا ومواجهة التحدیات التي تفرضها علینا. ان الشعوب الواعیة هي التي تقدر ثقافتها كمصدر لتقدمهما وإبداعها وتنمیتها و هي التي تؤمن أیضًا أن التفاعل الثقافي الإیجابي وآحترام الإختلاف یسمح بالتعایش السلمي و قبول الأخر. من هم الفريق المساهم في تسجيل الأغنية و تصوير الفيديو الكليب ؟ هذه الأغنیة تحققت بفضل مساهمة فریق من الفنانین الموهوبین الذي أتوجه لهم بكل عبارات الشكر والتقدیر لمجهوداتهم وهم : محمود التركي (Studio Créa-SON) في الترتيب الموسيقي والتسجيل و"Mixage"، الطيب فرحات في " Guitare Bass"، الشاعر حسين بالغيث، أو كما عرف Izétén Ninéwen في الكلمات، مريم بريبري (BriBri) في الملابس ، أمينة كريّم في المكياج ، ودالي القصديلي في الإخراج و التصوير. نورة الغرياني في اسطر نورة الغریاني، شابة أصيلة ولاية صفاقس ، تبلغ من العمر 22 سنة، متحصلة على الإجازة الاساسیة في علم النفس من المعهد العالي للعلوم الانسانیة في تونس، فنانة مؤلفة ومغنیة وعازفة جیتار، كذلك فهي ناشطة بالمجتمع المدني ومحررة ومترجمة في مبادرة الباحثون التونسیون.