منجي المازني اللافت للانتباه -للأسف- في علاقة بجائحة كورونا أنّ المواطن التونسي- في الأغلب الأعمّ- لم يتقيّد ولم يلتزم بقرارات وتوصيات الحكومة الدّاعية إلى ارتداء الكمّامة واحترام التباعد المنصوص عليه والإكثار من غسل اليدين، رغما عن بساطتها. وتمادى في اللاّمبالاة، ولم يكترث بصيحات الفزع التي يطلقها من حين إلى آخر مهنيي الصحّة وفي مقدّمتهم أعضاء اللجنة العلميّة. بما أدّى إلى مظاهر الاكتظاظ التي يلاحظها المرء في المقاهي والشوارع حتّى ساعات متأخّرة من الليل لا سيّما في الأحياء الشعبية، لا كمّامات ولا تباعد ولا احتياط ولا هم يحزنون، إلاّ من نفر قليل. بما يؤكّد أنّ المواطن اللّامبالي إنّما هو في غفلة تامّة وغير واع أنّه يتعايش مع وباء خطير يتربّص به في كلّ آن وحين. إلّا أنّه، وبمجرّد أن تنتقل العدوى لهذا المواطن حتّى تأخذه حالة من الهيستيريا ويكاد يغمى عليه من أثر الصدمة وهول المصيبة. كما لو كانت سقطت عليه صاعقة من السماء. فيتملّكه الخوف ويتلبّس به أيّما تلبّس. ويتحوّل في لمح البصر من متهاون إلى منضبط وحريص كل الحرص على تطبيق كلّ اللوائح والبروتوكولات الصحية بكل حذافيرها أملا في النجاة من الموت الذي يتربّص به في أيّة لحظة. ويغدو هذا المواطن مستعدّا لبيع كلّ ما يملك لحجز سرير في أحدى المصحّات الخاصّة والحصول على الأكسيجين المطلوب للنجاة من الموت القادم إليه بسرعة الضوء. كما يتحوّل هذا المواطن، بسرعة عجيبة ، إلى متحسّر شديد الحسرة ونادم أشدّ النّدم على ما فرّط في حقّ نفسه وحقّ الآخرين جرّاء لامبالاة واستهتار وغفلة وعدم احتياط وتحوّط. فإذا به يتمنّى لو يعود به الزمان إلى الوراء ليتمكّن من أخذ كلّ الاحتياطات اللاّزمة حتّى لا يصاب بالعدوى. كثيرة هي الأمور التي يتغافل عنها الإنسان ولا يعيرها ما تستحقّ من اهتمام ولا يتفطّن إليها إلاّ بعد أن تقع الفأس في الرأس ويجد نفسه خارج دائرة التأثير. "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون). "قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (طه). "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ." (الزمر).