مثلت "العقوبات البديلة في تونس بين المقتضيات القانونية والصعوبات التطبيقية" محور اعمال الندوة الوطنية الاولى لجمعية القضاة التونسيين، التي نظمتها اليوم بالحمامات في اطار مشروع " من اجل تطبيق أفضل للعقوبات البديلة وإعادة الادماج في تونس " بالتعاون مع اللجنة الاوروبية ومنظمة محامون بلا حدود ومنظمة "آ تي ال". واشار رئيس جمعية القضاة التونسيين، انس الحمادي، في تصريح لصحفي (وات) على هامش افتتاح اعمال الندوة، الى ان التطبيق الأفضل لقانون العقوبات البديلة وإعادة الإدماج الذي سن في تونس منذ سنة 1999 يحتاج الى وضع مشروع متكامل العناصر لتفعيل هذا القانون، الذي قال إنه يواجه عدة اشكاليات في التنفيذ من ابرزها كثرة المتدخلين (وزارات العدل والداخلية وادارة السجون والاصلاح والقضاء ووزارات التربية والشؤون الاجتماعية والمراة ...)، وصعوبة تنفيذ العقوبة البديلة خاصة في ظل رفض عديد المؤسسات والهياكل التفاعل مع هذه المسألة. وبين ان الهدف الرئيسي من التوجه نحو العقوبات البديلة في بعض الجرائم التي يشملها القانون هو أنسنة العقوبات خاصة وأن عديد البحوث والدراسات بينت أن العقوبة السالبة للحرية لم تكن عنصرا رادعا ولم تحد من الجرائم في المجتمعات بل انها أدت في عديد الحالات الى صنع نوع جديد وأخطر من المجرمين. وبين ان السياسيين والمختصين في تونس مدعوون اليوم الى التفكير في بدائل للعقوبات السالبة للحرية والعمل على الحد من " اللجوء السريع الى الايداعات في فترة الاحتفاظ أو في فترة ما بعد المحاكمة وما تسببت فيها من اكتظاظ في المؤسسات السجنية وسجن افراد في اوضاع قال وصفها ب "اللاإنسانية". واشار الحمادي الى ان الندوة الوطنية، التي تجمع عديد القضاة ووكلاء الجمهورية وممثلين عن الوزارات المعنية ومنظمات تنشط في مجال القضاء والمحاماة بالاضافة الى القضاة رؤساء مكاتب المصاحبة وقضاة تنفيذ العقوبات، ستعمل على الخروج بتوصيات ومقترحات اليات يمكن اعتمادها للمساعدة على تفعيل العقوبات البديلة وتطوير اللجوء اليها في الاحكام القضائية حتى تكون الية للاصلاح واعادة الادماج وتمكن من الحط من نسبة الايقاف والايداع في السجون وخاصة ضمان عودة كل من تزل به القدم الى ارتكاب جرائم جديدة وبالتالي الحد من نسبة الجريمة ومن نسبة العود. وابرز ان انجاح مشروع "تطبيق افضل للعقوبات البديلة واعادة الادماج في تونس " يتطلب تضافر جهود كل المتدخلين من وزارات وهياكل قضائية وسجنية ومكونات مجتمع مدني حتى تحقق مقاربة العقوبات البديلة اهدافها، مؤكدا ان اعتماد العقوبات البديلة يحتاج الى اصلاحات على مستوى التشريع خاصة بالنسبة للهياكل والادارات التي يتم من خلالها تنفيذ العقوبات البديلة على غرار البلديات او الولايات. ولاحظ ان "اللجوء الى العقوبات البديلة قليل جدا" رغم ان القانون يعود الى سنة 1999 ويخص الجرائم التي لا تتجاوز فيها الاحكام الستة اشهر فضلا عن انها تشترط اعتراف المتهم بالجريمة واعرابه عن ندمه، بينما يبقى اشكال التطبيق مرتبط بعدم توفر الادارة او الهيكل الذي سيتم من خلاله تنفيذ العقوبة البديلة، وفق تعبيره. وشدد رئيس جمعية القضاة على ان التعاطي مع العقوبات البديلة وتنفيذها يتطلب تطوير الوعي بمفاهيم اصلاح واعادة ادماج من زلت بهم القدم من التلاميذ او الطلبة او صغار السن قبل ان يصبحوا مجرمين، مبينا أن منح فرصة لهؤلاء من شأنه ان يحمل مساهمة كبيرة في اصلاح المجتمع.