ناشد المئات من تلامذة مبيت المعهد الثانوي عبد الحميد الغزواني بجندوبة، وزير التربية التدخّل العاجل لإنقاذهم من الجوع الذي بات يلازمهم والناجم عن سوء التغذية ونقصها ومراعاة أوضاعهم الاجتماعية والصحية في منطقة لم تغادر بعد دائرة أفقر مناطق الجمهورية التونسية وأعلاها أمّية ومعدلات بطالة وتذيلها مؤشر التنمية. وقال بعضهم ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة ان الإعاشة التي تقدّم لهم بمطعم المبيت لم تعد ترضي الحيوانات سواء تعلّق الامر بالكمية او بالنوعية، مضيفين في تصريحات لكالة تونس افريقيا للأنباء ان رحلتهم الصباحية تبدأ بخليط من الحليب والماء يقدم بعنوان القهوة وقطعة مرطبات "كيك " فاسدة بعد ان تحوّل لونها الى الاخضرار او قطعة من "الشامية" التي يكسوها الزيت والروائح الكريهة وهو فطور يرفضه اغلب المقيمين البالغ عددهم 430 ومن قبل منهم تناوله فهو من باب الضرورة القصوى مرورا بوجبة الغداء التي ان لم تكن وجبة "عدس " يكسوه السوس فسيكون أرزّا اختلطت فيه حباته بالديدان والحشرات او "ملوخية" محترقة قبل ان يختتم بتفاحة متعفنة وعشاء يغلب عليه ما يعبرون عنه ب"بوخلوط" وهو تشكيلة من الخضر المطعّمة ببعض معجون الطماطم وقطع من البطاطا في غياب تام لأي نوع من اللحوم وان وجدت فهي لا تتجاوز قطعة تقسم بين ثمانية تلاميذ او أربعة عشرة منهم وهو العدد المسموح به في الطاولة الواحدة وان ارتقى بهم الحال فان العشاء لا يتجاوز كمية من عجين "المقرونة" روائحها لا يقدر احد على تحمّلها او وجبة "لوبيا" يابسة لا تقدر أسنانهم على كسرها فما بالك بمعدهم وخبز يابس تحوّل الى مصدر روائح منفّرة بسبب قدمه او ما طاله من رطوبة التخزين.
واستهجن العشرات منهم تعامل إدارة المعهد وبقية السلط معهم رغم أنّهم كثيرا ما أضربوا لساعات وايام عن الدراسة احتجاجا على تدنّي قيمة الوجبة الغذائية وكثيرا ما نفذوا وقفات احتجاجية امام مقر معتمدية المكان بعد ان تحولوا لها في مسيرات من بينها إضرابات 26 و27 و28 أكتوبر الماضي والتي حضر فيها المندوب الجهوي رياض الوسلاتي الذي اجتمع بالمقيمين في المبيت وتواصلت الاحتجاجات وكان آخرها كان مطلع الأسبوع المنقضي بعد ان سئموا وعودا وتعهدات كثيرا ما ضربت لهم والتزمت بها إدارة المعهد وبقية الأطراف المعنية والتي تهدف الى تحسين الاعاشة كما ونوعا. واكد كل من تحدثنا إليهم من بينهم نقابيين ان يوم زارهم المدير الجهوي هو اليوم الوحيد الذي استمتع فيه تلامذة المعهد المقيمين بمبيته بوجبة جيدة وان الغلال التي قدمت في ذلك اليوم كانت صادمة بالنسبة لهم حيث اختفى التفاح المعفّن والذي يشبه حبة "الزعرور" على حد تعبير البعض منهم لتصبح تفاحة ملوك وباتت تلك الوجبة محلّ حلم عابر وتندّر بالنسبة اليهم. وذكر أحد أطباء الصحة العمومية وأحد الممرضين في تصريح اليوم الخميس أن المستشفى المحلّي يستقبل يوميا بين ثلاثة وأربعة تلاميذ اغلبهم فتيات وان التشخيص الطبي يتوقف عند امراض البطن الناجمة عن سوء التغذية وفسادها وان إدارة المعهد لا تكلّف نفسها مجرد إيصال التلاميذ الى المستشفى وان الوسيلة الوحيدة حمل المريض عن طريق أصدقائه مترجلين معتبرين ذلك فيه ما يعرض التلاميذ الى حوادث ليلية. من جهته وفي تصريح ل(وات) أكّد رئيس الإدارة المحلية معتمد الجهة فخري المهداوي أنّه شاهد على اتلاف شاحنتين من المواد الغذائية الفاسدة منتهية الصلوحية مصدرها مبيتات معتمدية فرنانة البالغ عددها ست مبيتات والتي يؤمّها اكثر من 1500 مقيم اكثر من ثمانين بالمائة منهم أطفال فقراء لا يملكون ما يعوّضهم عن اعاشة المبيتات وانه كثيرا ما راسل الجهات المعنية لتحسين إعاشتهم. بالمقابل ورغم حسن استقباله وتزامن زيارتنا للمعهد مع وجبة الغداء التي تقدّم بمعدل فوجين فقد منعنا مدير المعهد شكري العرفاوي من معاينة الاعاشة لدى المقيمين في وجبة الجمعة المنقضي، معتبرا ان التحقيق والتقاط يستوجب الترخيص المسبق واستشارة المدير الجهوي الذي تمسّك هو الاخر بمسألة الترخيص بحجة وجود تعليمات من وزارة التربية تلزم ادارته بضرورة استظهار الصحفي بترخيص صادر عن الجهات التي تخوّل له العمل قبل ان يحيلنا الى المدير العام للخدمات المدرسية محمد الماني الذي اتصلنا به دون الحصول على إجابة بعد ان تركنا له رسالة الكترونية عبر هاتفه الجوّال تضمنت طلبا واضحا في الموضوع. وعن تقصير الإدارة في تخصيص السيارة الإدارية لتلامذة المعهد أوضح مدير المعهد انه لا يقيم بالمسكن الوظيفي بالمعهد وان يقيم بقرية الببّوش التي تبعد نحو 30 كلم وانه وفي ظلّ انعدام وسائل نقل يضطر يوميا لاستعمالها والتنقّل بها من والى المعهد. ودعا تلامذة المعهد الثانوي عبد الحميد الغزواني المقيمون بالمبيت الى ضرورة فتح تحقيق في الاعاشة داخل مطعم المبيت وسوء ظروف الإقامة التي يشبهونها بإصطبل حيوانات، حسب تعبيرهم. يشار إلى أن التلامذة المقيمين بمبيت المعهد الثانوي عبد الحميد الغزواني بفرنانة ينحدرون من مناطق حدودية بعيدة من بينها عمادة حليمة والحمر وقلوب الثيران واولاد مفدّة والجواودة وسيدي سعيد وغيرها وهي مناطق معروفة بفقر متساكنيها المدقع وعزلتهم المتواصلة.