تهاوت حزم الشكاوي كالصاعقة، تبعتها وثائق واجتماعات كالعاصفة، لتكون كرد حتمي استغاثةً على الوضع المزري الذي يوثق ملابسات وحيثيات الأزمة التنموية، التي تعاني منها البوابة الشمالية "قرية توزيانت"، إحدى أقرب النقاط القروية من بلدية ودائرة ثنية العابد، بمسافة لا تتجاوز 2 كلم، مرورا بالطريق الوطني رقم 87، الخط الرابط بين ولايتيّ باتنة وبسكرة عبر دائرتيّ ثنية العابد ومنعة، وهو الامتياز الجغرافي الذي ميز هذه القرية، التي تقع في الضفة الجنوبية من المقر المركزي لولاية باتنة على بعد 60 كلم، وعلى رغم من الخصائص الطبيعية التي تتسم بها، إلا أنها وللأسف الشديد محط تهميش من اهتمامات والتزامات السلطات المعنية، في ظل إتقان فنون الوعود والمواثيق الهشة التي لا تمت صلةً بالتجسيد الفعلي على أرضية الواقع التنموي لهذه البقعة، التي ندد قاطنوها وبشدة، متذمرين من الإهمال والتماطل الذي طالهم، لاسيما بعد إقبالهم على العديد من المحاولات الهادفة، لتغيير الحالة والنهوض بها نحو مستقبل أفضل، وهو ما يعد مطلبا ملحا من طرف أهاليها وسكانها، الذين تعاونوا في رد الاعتبار لمطالبهم المشروعة وحقوقهم المهضومة، من خلال جمعية القرية "الناظور" (مصطلح أطلق على قمة جبلية بقرية تاوزيانت، وظفها واستغلها جيش التحرير خلال الثورة المجيدة كنقطة مراقبة وترصد تحركات العدو، كما أن ذات المنطقة زاخرة على ثروة من الشواهد التاريخية التي تعود جذورها وأصولها إلى العهد القديم) للتضامن والعمل والتي تأسست في 03 جوان 2001، أين تم تجديدها بتاريخ 27 ديسمبر2017، مشتملة هي الأخرى على جملة من الأهداف والمبادئ أهمها، محاربة الآفات والظواهر السلبية المهدمة للمجتمع وقيمه، مع مرافقة السكان وتبليغ رسالتهم ونقل انشغالاتهم، دون إغفال جانب تقديم يد العون ومساعدة المحتاجين والفقراء، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة علمية ثقافية موجهة لتشجيع ودعم المتفوقين في الدراسة، ومع تجليات الصورة عن الوضع الراهن الذي ساد إقليم المنطقة، عبر رئيس الجمعية السيد "بلموشي صالح"، متحدثا بسم الأهالي، عن أسفه من غياب سريان مفعول تنفيذ المشاريع وانشغالات السكان، فور رفعها بل تأجيلها إلى آن تأفل عن قاموس التفكير في طرق تجسيدها فعليا، فتتوازي مع ميزان الثرثرة التي لا طائل منها، وفي غنا عنها، طالما تبعد كل البعد عن أفعال تثبت كينونتها، واكبر دليل على ذلك، إقرار ذات المتحدث أنه ومنذ تجديد تأسيس الجمعية، وهو في تواصل دائم مع المسؤولين المحليين، مضيفا حسبه، أن المشاكل تفاقمت نتيجة كثرتها وعدم اكتراث المعنيين بحلها ولو بالتدرج، وهو بالذات ما أثار غيض القاطنة، مم استوجب رفع أكياس الشكاوي في شاكلة إرسالية صدرت بتاريخ 16 أوت 2020، احتوت طلب التدخل العاجل من أجل حل مشاكل مواطني تاوزيانت، ومعالجة هذه الاختلالات التي مست قطاعات عدة، من طرف أعضاء المكتب الإداري لجمعية الناظور (تاوزيانت) ناطقة باسم سكانها، أين أبانوا عن مدى نفورهم واستيائهم من الانعدام الكلي للتنمية بهذه القرية، التي لا تبعد عن مقر الدائرة الا بمسافة 2 كيلومتر ولم تلمس أي تغيير على ارض الواقع ولم يجسد ولا مطلب واحد من مطالب السكان، فبعد مرور سنتين عن أول اجتماع تم عقده بمقر الدائرة والذي جمع جمعية القرية مع رئيس دائرة ثنية العابد، بمعية ممثل المجلس الشعبي البلدي لبلدية ذات الدائرة بتاريخ 30 سبتمبر 2018، أين رفع من خلاله جملة من المطالب وانشغالات الساكنة، والتي لم تجد عدا الاستجابة الشفوية والوعود التي لم تر النور، حتى بعد برمجة عدة لقاءات مع المسؤولين، لتبقى ذات المطالب كاللغم في أعناق الساكنين جراء تفاقمها، طالما تم تشخيصها والتوعد في صيغة الأعذار المألوفة بعد الاتفاق على حلها، ومن أبرزها المطالبة بتجديد شبكة المياه الصالحة للشرب المهترئة عبر الطريق الفرعي الرابط بين قريتي حيدوس وتاوزيانت، مع إيجاد حلول جذرية لإنهاء تحويل المياه الصالحة للشرب إلى وجهة أخرى، وكذا إيصال الشبكة إلى كل السكنات، لاسيما الريفية منها، والتي أُنجزت منذ سنون عدة ولم تستفد من خطوط الربط بشبكتيّ المياه والكهرباء إلى حد الساعة، والجدير بالذكر أن قرية تاوزيانت معروفة بمائها العذب، حيث اشتهرت في سابق عهدها باحتوائها على عينان طبيعيتان (عين تاوزيانت التي كانت تسقي البساتين لمسافة 2كلم، وعين القنطرة التي خصصت للشرب قبل أن يتم طمس وجودها من خلال تمرير قنوات صرف الصحي عبرها)، ما يفرض بديهيا سيولة ووفرة في التدعم بهذه المادة الحيوية "الماء" بدل ندرتها، وهو ما جعل الساكنة في صراع دائم للحصول على شربة ماء في عز الصيف، الفصل الذي كلما حل جلب معه سخط المواطنين ليتم مجددا إحالة الشكاوي المنصبة على "الماء" أمام الجهات المعنية التي كشف خمولها عن عيوب جمة تثير غضب وسخط ناس القرية، هذا من جهة ومن جهة أخرى عجز مصالح البلدية على إيجاد حل جذري يضع حدا لهذه المشاكل، الممتدة لسنوات عدة، إذ كلما حل فيها فصل الصيف، يكثر فيها الطلب على هذه المادة الحيوية، أين يكون المجال مفتوحا لتتجدد أزمة المياه، خاصة وان تسيير قطاع المياه بهذه القرية يعود إلى مصالح بلدية ثنية العابد، وليس لمؤسسة الجزائرية للمياه، وما لا يجوز إغفاله أن السبب الرئيس خلف تذمرهم، هو احتواء القرية على اكبر خزان ماء بسعة 500 م3 مع ذلك فهو غير كافي لتغطية مالا يزيد عن 200 سكن عائلي، ناهيك عن الالتزام باليات التناوب في التوزيع، أي أن هذه العملية الأخيرة لا تشمل كل سكان القرية في يوم واحد بل بعد 48 ساعة من ذلك وفي ظرف قياسي لا يتجاوز الساعتين كل أربعة أيام، وأمام هذه المشكلة في كيفية التسيير، والتي قد تعود إلى ضعف الإمكانيات وغياب الإطارات وأهل الاختصاص والهياكل التقنية والتجارية، وهذا ما ساهم بشكل أو بآخر في تأزم الأوضاع، التي فرضت على أعضاء جمعية القرية عقد اجتماع طارئ بتاريخ 24 أوت 2020، الموجه للسلطات الولائية يحتوي مطلب مُصاغ في شاكلة مقترح ينهي الأزمة نهائيا، والتي اتضح ميدانيا أنها في تصاعد مستمر خاصة، إذا تعلق الأمر بعنصر التسيير وعدم قدرة مصالح ذات البلدية على توفير الماء الشروب لكافة السكان رغم وجوده، حيث يتمثل المقترح في طلب سحب مهام تسيير قطاع المياه من البلدية (ثنية العابد) وتحويله إلى المؤسسة الجزائرية للمياه، وحسب الناطقين باسم أهالي المنطقة فإن هذا هو الحل الأمثل الذي سيعطي حاليا ديناميكية وتحسين الأوضاع في قطاع المياه، لاسيما وان هذا الاقتراح لم يكن من فراغ، بل هو نتيجة المشاكل المحصورة في القرى التي يكون فيه التسيير لمصالح البلدية عكس القرى التي يكون فيه التسيير من جانب المؤسسة الجزائرية للمياه، ومع ما شهدته القرية مؤخرا من انقطاع تزويد السكان بالماء لمدة أسبوع كامل، يُنتظر توجه الوضع إلى ما لا يحمد عقباه، بسبب انعدام الحلول كالعادة، وان توفرت تتآكل بالأقوال لا الأفعال بدليل أنه قبل ستة (06) أشهر قدم المقاول المسؤول عن مشروع ربط قرية حيدوس بشبكة المياه الصالحة للشرب، هبة للبلدية باسم سكان تاوزيانت الذين لم تصلهم الشبكة المائية، تكمن في أنبوب مائي بطول 100م وبقطر 63 ر، ومنذ أن أشرفت مصالح البلدية على البروتوكولات والإجراءات الأولية كالمعاينة الميدانية للموقع، وضبط الأرضية المخصصة لتنفيذ المبادرة،لم يظهر لها اثر بعد ذلك، ولم تستفد القرية من الهبة التي تلاشت بمجرد تدخل مصالح البلدية فيها، ومن جانب آخر ضاق فلاحو المنطقة ذرعا من انعدام الآبار الفلاحية كبديل يسد حاجات ومستلزمات قطاع الزراعة، ما يفرض عليهم اللجوء لاستغلال ذات المصادر المائية المستخدمة للشرب في أعمال الفلاحة والزراعة، هذا ويؤكد السيد بلموشي أن المسئولين المحليين على علم بكافة التفاصيل ولا تغيب عنهم شائبة صغيرةً كانت أو كبيرة، إلا أنهم في زاوية مغلقة عن مفاهيم التغيير وتقديم الحلول والبدائل، التي من شأنها إخماد نار الغضب ولو مؤقتا حتى يتم إيجاد حلول نهائية، هذا ويضيف رئيس الجمعية إلى لائحة المشاكل مطالب أخرى تتمثل، في إتمام ربط كل السكنات الريفية بشبكة الكهرباء، وهذا بعد ما قامت المصالح المعنية بالدراسة، بالإضافة إلى تعبيد طريق حي القنطرة والذي تكفل السكان بإمكانياتهم الخاصة ببناء جدار حماية، ووضع التيف بعد موجة السيول والبرد التي ضربت المنطقة وألحقت أضرارا كبيرة بالبنية التحتية لهذه القرية، وحفاظا على الواجهة الطبيعية النظيفة للمنطقة، طالب القاطنون بتخصيص حاويات قمامة بحي القنطرة وثابزة، تفاديا للرمي والحرق العشوائي الذي أثر سلبا على البيئة وعلى صحة المواطنين، وقد لقي هذا المطلب تجاوبا بمزية، حيث تم تزويد حي ثابزة بحاوية القاذورات في ثالث أيام العيد والتي تم تفريغها بعد 15 يوما من وضعها أي بعد مرور عمال النظافة أكثر من مرة متجهين إلى حيدوس لينتهي الأمر بتفريغها، في حين أن القنطرة استفادت مؤخرا من الحاوية (26 أوت)، على أمل أن تفرغ في موعدها المحدد أي بعد يومين تبعا للبرنامج المسطر لذلك، وبسبب تأجيل الخدمات والمسؤوليات زاد هذا من تذمر المواطنين، رغم اتصالات ولقاءات عديدة بالمسئول الأول عن البلدية، وتضمنت الإرسالية بند آخر يعد من المطالب الجوهرية المتمثل في ربط أولاد بوخنون بحي الغاسول بالماء الصالح للشرب، أين وجد هذا الأخير ملامح الشروع فيه من طرف المقاول الذي باشر بأشغال الربط، ليُنهي أعضاء الجمعية إلى علم السلطات أن هذه البنود ما هي إلا أولويات مع التغاضي عن بعضها، بم فيها أن القرية ميتة في التنمية، إلى حد أنها لا تمتلك حتى طريق معبد مؤدي إلى المقبرة المتواجدة بأرض تبرع بها أحد المحسنين، ناهيك عن انعدام كلي للمرافق رياضية كانت أو صحية، داعين في ذات السياق إلى ضرورة التدخل العاجل والفوري واستدراك الوضع التنموي، قبل أن تأخذ الأزمة منعرجا آخر، وعلى الأغلب، فإن أكثر ما يثير الغبن أن هذه النقاط المرفوعة للمصالح العمومية "المختصة" لا تحتاج لتدخل أي جهة أخرى بهدف تحريك المسؤولين عن القطاع، ورغم القرارات الجمهورية الجديدة التي يسرت مهام الجمعيات، إلا أن تدخل جمعية قرية تاوزيانت لمداهمة خمول السلطات العمومية لم يحرك ساكن ولم يؤثر ولو بروية في مجريات الوضعية التنموية، المرفوعة منذ سنون للجهات المختصة التي امتهنت وظيفة اللغو في البهو"الفراغ" باحتراف مذهل، فالتعامل مع ذات المصالح أمسى كمن يرمي بحصاه إلى جدار صلب لتعود عليه بالعمى…، ورغم ذلك يبقى الهم الأكبر فك أزمة الماء الشروب في اقرب الآجال دون أعذار أمست محل إنذار، موجه من طرف سكان توزيانت نحو السلطات المعنية لفك الأوزار دون مزاولة مهنة الاجترار لذات الوعود كألبسة للوقاية ومنح الأعذار التي لا تسمن ولا تغني من جوع…. زين الدين بومشاش/عائشة حماني.