يغفل الناس عن وظيفتهم في الحياة و السبب الذي خلقهم الله من أجله و هو عبادته و تعمير الأرض. يغفل التلميذ عن دراسته و لا يعلم عواقب ذلك حتى إذا اقترب وقت الامتحان تكدّست الدّروس و دخل في ماراطون تحضيرات و ربما تكون النتيجة سيئة فيتحسر على لهوه وسط العام الدراسي.. يغفل العامل في عمله فلا يؤدّيه أو يقدّمه منقوصا أو يتكاسل عنه و يؤجله ثم يلغيه.. و التأجيل أول خطوة للإلغاء و هكذا علّمتني جامعة كرة القدم التي تؤجل دائما مباريات كأس تونس ثم تلغيها كما حصل سنة 2002. يغفل الأولياء عن صغارهم فلا يتابعونهم و لا يراقبونهم ثم يُصدمون عند حصول مكروه لفلذات أكبادهم.. يغفل السياسي عن دوره و يغفل عن واجباته تجاه الرّعيّة المسؤول عنها بعد أن كان قد وعدها بجنّة تجري تحتها الأنهار قبل الانتخابات و يغفل عن أولويّات البلاد و انتظارات الشعب و يظل يتناقش مع أصدقائه أو خصومه نقاشا بيزنطيّا عقيما حول مسائل هامشية لا تهم الوطن و المواطن.. يغفل المواطن عن دوره و عن واجباته تجاه الوطن فيلقي بالأوساخ و يتجاوز القانون بشتّى الطّرق و لا يعمل بإخلاص لدفع عجلة التنمية.. يغفل الأخ عن أخيه و الجار عن جاره و الصاحب عن صاحبه و الأبناء الكهول عن والديهما العاجِزَيْن فلا يسألون عن الأحوال و لا يتكافلون و لا يعودون مَنْ مَرِض.. يغفل الناس عن المطالعة أو البحث أو تثقيف أنفسهم و يقضّون أوقات فراغهم شاردي الذهن يفكّرون في أحزانهم الماضية و يخافون همومهم الآتية – و قد لا تأتي – فاشلين مغلوبين على أمرهم فربّما يقفزون من قناة إلى قناة و يسمعون حديثا ثمّ ينسوه لأنهم غير مركّزين.. يغفل الناس عن دينهم فلا يذكرون الله إلا قليلا و لا يتحلّون بحسن الخُلُق ( و ذلك أساس الدّين ) و يخطئون و يتجاوزون الحدود دون ارتداع أو محاسبة ضمير و ينسون الحساب و الآخرة و يلههم بهرج الدّنيا و زينتها الخادعة عن المسابقة في الخيرات و تذكّر الآخرة.. قال عزّ من قائل : " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ " و قال تعالى : " يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ " هي ضغوطات العصر و كثرة المشاغل و وسوسة الشيطان و عدم تهذيب النفس و عدم اشتغالها بالحق فاشتغلت بالباطل.. كلّنا مصابون بهذا الداء كثيرا أو قليلا.. فالله ندعو أن يصلح حالنا و لا يجعلنا من الغافلين.