عندما كان كاسترو برسل الحراقة يوم 7 نوفمبر 1987 لم تكن ظاهرة الحرقة معروفة بتونس حيث كانت الأوضاع الإجتماعية أفضل بكثير مما هي عليه اليوم , يومها نفذت المخابرات الإيطالية عملية استبدلت بواسطتها رئيس البلاد و أتت ببن علي الذي أوصل البلاد إلى حافة الهاوية بأن أضعف جهاز الدولة و عفن بيئة الإستثمار بحيث أنتج نظامه جيشا من العاطلين لا يمكن توفير الشغل له …كانت إيطاليا طيلة 23 سنة مشجعة و راعية لفساد بن علي و لم تعمل أو تسعى إلى الضغط عليه للحد من فساده …و لما اسقر رأي الأمريكان على الإطاحة ببن علي و اضطربت الأحوال بتونس عمل الإيطاليون على الحد من ظاهرة الحرقة و لم يجدوا من جميع الذين تداولوا على السلطة إلا الإنصياع و الخضوع فكان التضييق الأمني على الحراقة الذي لم يمنعها بل فقط ساهم في إرتفاع كلفتها المادية و خاصة البشرية حيث يضطر الحراقة إلى الإبحار في الظروف المناخية الصعبة لضمان ضعف المراقبة الأمنية و العسكرية فتحصل الكوارث و آخرها كارثة قرقنة . خلاصة القول أن الله إبتلى هذه البلاد بطبقة سياسية غير قادرة على مواجهة الطلاين و تحميلهم مسؤولية ما فعلوه بنا بل هي مواصلة في نهج العمالة كما أنها لم و لن تتوصل إلى إخراج البلاد من أزمتها الإقتصادية و الإجتماعية بل هي تعمل على تفاقمها, هذا إضافة إلى كونها تعتمد حلا أمنيا بجهاز تنخره الرشوة حيث تم منح لزمة ضريبة الحراقة لبعض الأعوان " المكلفين بمراقبة المسافرين " القاصدين الجزيرة لمنع وصول الحارقين … هذا الوضع الكارثي للبلاد و طبقتها السياسية يذكر بما حصل إبان حكم كاسترو فطيلة فترة حكمه لم يتوقف عدوان أمريكا على كوبا حيث إتخذ كل الأشكال الممكنة و لما إشتد الحصار و العدوان قرر كاسترو أن يرسل عشرات الآلاف من الكوبيين و أطلق إذاعة ترد على إذاعات الدعاية المضادة التي كانت تبث من فلوريدا حيث كانت إذاعة كاسترو تقول للأمريكان أنتم تبحثون عن تمتيع الكوبيين بالحرية ها هم قادمون إليكم فمتعوهم بها في بلادكم . لم يحاصر كاسترو الحراقة ليفرض عليهم الإبحار في ظروف طبيعية صعبة و في سفن غير صالحة ليغرقوا بل كانت أجهزة الدولة ترعى العملية و توفر لها ظروف النجاح…لا يمكن لأي تونسي أن يطمع أو أن يحلم بتكستر سياسيي تونس لكن لعل ثورة حقيقية تحصل ذات يوم..