شاطر و مشطور و قيس سعيد بينهما: ✓الشاطر هي إيران: قد يتساءل البعض ما علاقة إيرانبتونس و بمنطقة المغرب العربي عموما؟ في الحقيقة إيران إستغلت الفوضى الناجمة عن الثورات العربية لتحقيق عدة أهداف في نفس الوقت: أولها: توسيع دائرة الفوضى تحت ما سمي بثورات الربيع العربي التي إعتبرها المرشد الأعلى علي خامنئي حسب تعبيره « بوادر صحوة إسلامية » ثم وما إن تمت الإطاحة بنظام معمر القذافي حتى دشنت طهران مخططا لنشر التشيع بين الليبيين وخاصة بين الأقليات ،كما بدأت تنفذ مخططها لإختراق الأقليات العرقية والثقافية في بلدان المغرب العربي وفي إستقطاب آلاف الشبان المغاربة ونقل المئات منهم الى طهران وبيروت وبغداد بهدف توجيههم الى الحوزات العلمية والمدارس الفقهية الشيعية حتى أن بعض الأخبار المكتوبة و بعض الفيديوهات المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي تتحدث عن تحركات مشبوهة لبعض المجموعات الشيعية الموالية لايران ببعض الولاياتالتونسية مثل ولاية بنزرت و نفس الشيء يحصل الآن بعدة ولايات جزائرية و خصوصاً ذات الكثافة من الأصول الامازيغية. فطهران تطمح الى الدفع نحو تأسيس الكيان الأمازيغي في بلاد المغرب العربي ،خصوصا وأن الأغلبية الساحقة من الأمازيغ تعتمد المذهب الأباضي بينما يعتمد العرب المذهب المالكي. ثانيها: فك الخناق عنها نتيجة الحضر الاقتصادي و النفطي خصوصاً و المفروض عليها من طرف الدول الغربية و ذلك بمد أذرعها إلى ليبيا وخلط الترتيبات المتعلقة بالتخلص من المتطرفين والميليشيات المسلحة، وخلخلة التعهدات المعلنة من قبل الجيش الليبي باستمرار تدفق النفط والغاز إلى الدول الغربية، فبقليص تدفق النفط الليبي و ايضا الجزائري إن هي نجحت في بث الفوضى بهذا البلد أيضا فستكون الدول الفارضة للحضر في أمس الحاجة للنفط الايراني و ستغض النظر عن الحضر وربما أيضا تتراجع عنه. وقد وجد هذا الاتجاه ما يدعمه، سياسيا وأمنيا واقتصاديا، على قاعدة تصاعد التعاون أو بالأحرى حلفا خفيا بين إيران وكل من تركيا وقطر اللتين تعتبران ليبيا مجالا مفتوحا لهما. لقد قرأ النظام الإيراني ما يجري في ليبيا و إعتبر أن هناك فرصة لتطويل أمد الحرب في طرابلس بين الجيش وحكومة الوفاق المدعومة من المتشددين والكتائب المسلحة وتركيا وقطر، عبر تقديم الدعم للفريق الأخير، فإذا تشابكت الأوراق وتلاشت المسافات وتاهت الطرق وطالت المعارك، ربما تتراجع الضغوط الواقعة على طهران.. تتمنى إيران المزيد من تسخين المعارك في طرابلس، ولن تبخل عن تقديم وسائل الدعم لعملائها بما في ذلك مساعدتهم على فتح مجالات حيوية و خلق داعمين لهم في البلدان المجاورة لليبيا و بالأخص في تونس لأنهم محاصرين شرقا من طرف مصر و جنوبا بالصحراء و غربا بالجزائر بعد صعود رئيس معاد للاسلاميين. ✓المشطور هو رضا لينين: هته الشخصية التي تتبنى وتحاول إعادة إحياء و تنفيذ أفكار و نظريات شخصية أسطورية هي روزا لكسمبورغ ( Rosa Luxemburg) والتي ولدت في 1871 و توفيت في 1919 وهي منظّرة ماركسية وفيلسوفة واقتصادية وإشتراكية ثورية. و ما يميز روزا كونها عارضت نظرية فلاديمير لينين حول مسألتين بالأخص الأولى كونها مؤمنة بالديمقراطية لا بدكتاتورية البروليتاريا و الثانية كونها لا تؤمن ايضا بمركزية الدولة بل تنادي بالحراك المشترك، الارادي والواعي لكل الطبقات والشرائح المُضطهدة والمُهمّشة. وقد كتبت حينها، عام 1904 بأنّ هذا الحراك هو "الأوّل من نوعه في المجتمعات الطبقية، الذي يستند على نحو مستمر وفي كلّ لحظة عينيّة على التنظيم وعلى النشاطات المستقلة والمباشرة للجماهير". كان تفسير لوكسمبورغ لمصطلح "الثورة الاجتماعية" يعني كسر جميع علاقات القوى القائمة التي يعيش الانسان في ظلّها مهاناً، مضطهداً، مهمّشاً ومُحتقراً". واعتقدت أنّ النزاع حول السيطرة وحده كفيلٌ بتحقيق إعادة هيكلة المجتمع وأنّه عن طريق هذا النزاع يمكن دحض علاقات القوى داخل المجتمع وتجميدها على نحو دائم. رضا لينين و إن حاول نفي كل ما كان يربطه بالفكر اليساري عموما و الشيوعي خصوصا إلا أن أفكاره التي يطرحها ليست سوى إقتباسا و إعادة صياغة لنظريات روزا التي مر عليها قرابة قرن ونصف. ✓لكن ما علاقة قيس سعيد بالشاطر و المشطور حتى يقع سجينا بينهما؟ الكثير من المصادر تؤكد أن قوى دولية تقف وراء فوز قيس بالرئاسة و انه يستحيل على اي كان أن ينجح في مثل هته الإنتخابات بالطريقة التي اعتمدها هذا الأخير دون أن يكون مسنودا من طرف قوى غير ظاهرة. عديد القرائن تشير إلى كون قيس ليس بعيدا عن الأجندا الإيرانية فاستقباله لوزير الخارجية الالماني كان رفقة طارق بالطيب سفير تونس بايران و تغييب وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي ثم تنحيته لم يكن من قبيل الصدفة. كما أن رضا لينين نفسه لم يكن بعيدا عن الأجندا الإيرانية خصوصاً إذا ما علمنا كونه كان يشتغل في السنوات الأخيرة بدولة البحرين التي أغلب سكانها من الشيعة الموالية لايران رغم أن من يحكمها هم أقلية سنية موالية للملكة السعودية، حتى أن البعض يتحدث عن كون البحرين أطردته بسبب تدخله في شؤونها الداخلية و مناصرته للأغلبية الشيعية الموالية لايران. سياسة قيس سعيد الخارجية أيضا توحي بتقاربه من الأجندا الشيعية فهو لحد اليوم لم يلتقي من الأطراف الليبية سوى الأطراف الاسلامية المدعومة من إيران هذا بالإضافة إلى العزلة الدولية المفروضة عليه من كل القوى الإقليمية و الدولية المعادية للأجندا الإيرانية. قيس سعيد يتبنى أيضا كل نظريات و أطروحات رضا لينين و رؤيته للسلطة و المجتمع بكل حذافرها و التي تدعو الى استبدال السلطة المركزية بالسلطة المحلية التي تنطلق على أساس مبدأ اقتراع الأفراد وتدعو الى تغير النظام الحالي و تدميره و استبداله بنظام شعبي شببه بنظام اللجان في كل مكان الذي نادى به القذافي في كتابه الأخضر فرضا لينين يؤكدًا أن تحقيق التنمية بعيدًا عن الصراعات الأيديولوجية وما يسمّى بالتوافقات مرتبط بتغيير نظام البناء الذي سيصبح من تحت إلى فوق وهو أنجع وشعبي وأقل تكلفة وهذا بالضبط ما يسوق له قيس سعيد سواء في حملته الإنتخابية و ايضا بعد توليه مقاليد رئاسة الجمهورية و خير دليل على ذلك كلمته التي القاها يوم 17 ديسمبر الفارط بولاية سيدي. بوزيد. فهل أصبح قيس سعيد حبيس بين اجندا إيران وهذيان لينين؟