بمناسبة حصول الرباعي الراعي للحوار على جائزة نوبل للسلام يوم الجمعة 9 أكتوبر علق المحامي والعميد السابق لهيئة المحامين شوقي الطبيب ودون "شهادته" على الحدث مثلما عاشها وهو الذي شارك في الانطلاقة الأولى للحوار الوطني. وكتب شوقي الطبيب على صفحته"مبروك لتونس، مبروك بالأخص للرباعي وللمحاماة التونسية التي أنتمي اليها هذه الجائزة التاريخية وهذا التقدير العالمي، فرحتي وسعادتي كمعظم التونسيين لا توصف غير أن ما نغصها علي هي بعض التقارير غير الدقيقة حول هذا الحدث والتي تناقلتها العديد من وسائل الاعلام مما يستوجب التصحيح حتى نحفظ الحقيقة من كل تشويه. وبحكم أن كاتب هذه الأسطر اضطلع بمسؤولية عمادة المحامين ابان انطلاق قاطرة الحوار الوطني ويمكن بالتالي اعتباره "شاهدا على العصر" فانه للحقيقة والأمانة التاريخية أسمح لنفسي تقديم التدقيق والتصويب فيما يلي: - خلافا لما جاء في عديد التقارير الاعلامية التي اكتفت – على ما يبدو - بالنقل الحرفي لما جاء في بيان لجنة جائزة نوبل، فإن الحوار الوطني لم يبدأ يوم 13 أكتوبر 2013 بل يوم 16 أكتوبر 2012 الذي شهد أعمال الجولة الأولى للحوار الوطني التي قاطعتها أحزاب المؤتمر ووفاء والنهضة في حين حضرتها الرئاسات الثلاث بما فيها رئيس الحكومة آنذاك حمادي الجبالي الذي حضر بصفته الأخيرة وليس كأمين عام لحركة النهضة. - فكرة الحوار الوطني تم اقتراحها من طرف الشهيد شكري بلعيد على هيئة المحامين واتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وعمل على الترويج لها الى آخر ليلة في حياته دافعه في ذلك ما عاينه من تصاعد أعمال العنف السياسي على الساحة الوطنية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والتي طالته هو شخصيا في مدينة الكاف وأمام المحكمة الابتدائية بتونس بعد ترافعه عن قناة نسمة بمناسبة قضية برسيبوليس. - مباشرة بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد يوم 06 فيفري 2013 عمل الثلاثي (اتحاد الشغل والرابطة والهيئة)على مواصلة تنفيذ وصيته لجدواها الوطنية وتكريما لذكراه بالدعوة الى عديد الاجتماعات والمشاورات الماراطونية مع الرئاسات الثلاث والتنظيمات الحزبية والحقوقية مما أفضى الى تأكيد ميلاد مؤسسة الحوار الوطني. - خلافا كذلك لعديد التقارير بل وحتى تصريحات شخصيات سياسية بارزة فإن حركة النهضة لم تلتحق بالحوار بعد اغتيال البراهمي واعتصام الرحيل بل قبل ذلك وتحديدا خلال الجولة الثانية منه يوم 16 ماي 2013 حينها حضر عن النهضة بالخصوص رئيسها راشد الغنوشي ورئيس كتلتها الصحبي عتيق والنائب عامر العريض والتحق اتحاد الصناعة والتجارة بالثلاثي الذي أصبح رباعيا. - للأمانة كذلك فإن رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي حضر كامل جولات الحوار الوطني لم يبد أي احتراز أو تحفظ عليه بل ثمنه في مختلف تدخلاته وتعهد لممثلي الثلاثي ثم الرباعي خلال لقاءاته المتعددة بهم بأن يسعى الى اقناع حزب المؤتمر بالالتحاق غير أنه لم يوفق. - خلال الجولة الثانية للحوار التي انعقدت يوم 16 ماي 2013 تركزت المداولات حول عديد النقاط المركزية، كما أقر المؤتمر تكوين لجنة تسهر على تفعيل جملة التوافقات وتعمل على بلوغ توافقات جديدة فيما يخص بقية القضايا العالقة والخلافية كما أصدرت كل التنظيمات والأحزاب الحاضرة بما فيها النهضة بيانا تاريخيا تضمن بالخصوص إدانة العنف والدعوة الى التعجيل بفتح تحقيق في شأن ما يسمى بروابط حماية الثورة كما اعتبروا أن اغتيال الشهيد شكري بلعيد يمثل ضربة موجعة موجهة الى أمن البلاد واستقرارها مطالبين بضرورة الاسراع في التحقيقات لكشف الجناة...كما تضمن البيان تأكيد المؤتمر على ضمان حق الاضراب في الدستور الجديد وطالب بأن لا يتعدى موعد تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية موفى سنة 2013.... - على إثر ذلك تتالت اجتماعات لجنة التوافقات التي عقدت بالتداول في مقرات المنظمات الأربع وتمكنت من الوصول الى نتائج مهمة سيما فيما يتعلق بنسخة الدستور.. إلى حين اغتيال الشهيد البراهمي في 25 جويلية 2013 الذي نتج عنه تعليق أشغال المجلس الوطني التأسيسي وقيام اعتصام الرحيل وتوقف جلسات الحوار التي عادت مع نهاية شهر أوت ممهدا لها لقاء الباجي والغنوشي في باريس يوم 15 أوت 2013 لتتواصل الجلسات والمباحثات الى حين مصادقة الأحزاب على خارطة الطريق المقترحة من الرباعي والتي أفضت الى استقالة حكومة علي العريض واختيار الحوار الوطني المهدي جمعة بتاريخ 14 ديسمبر 2013 خلفا له. - للتاريخ وللأمانة وشهادة مني فيما يتعلق بالأشخاص وعلى الرغم من قناعتي بأن الانجاز هو وطني وبالأساس غير أنه يعتبر دور حسين العباسي محوريا في قيام وإنجاح مسار الحوار وهذا لا ينقص في شيء دور بقية قيادات الرباعي ومختلف الأحزاب الوطنية التي عملت تحت مظلته والتزمت بمقرراته. أؤكد كذلك على دور كل من رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس اذ كان يكفي عدم حماسة أي واحد من ثلاثتهم لتعطيل المسار وحتى قبره لا قدر الله فألف تحية لهم جميعا وربي يحفظ تونس."