دخلت تونس في حالة من الهلع ، منذ بدء الحديث عن عودة وباء الكوليرا وانتشاره في الأراضي الجزائرية ، خلال الأيام القليلة الماضية، نظرا للقرب الجغرافي بين تونسوالجزائر وكثرة التنقلات بينهما و هو ما شكّل تساؤلات حول استعدادات وزارة الصّحة للوقاية والتصدّي لهذا الوباء لاسيّما أمام ما تشهده البلاد من أزمة فقدان الأدوية.. و في خضم هذا الشأن، حذرت السلطات التونسية المواطنين من إمكانية انتقال وباء الكوليرا عن طريق المياه والأغذية والمحيط، مشددة على اتباع إجراءات السلامة والحماية. وأكدت وزارة الصحة، في بيان رسمي، أنها كثفت من حملات التقصي الوبائي في عدد من مناطق البلاد، خوفاً من انتقال الوباء إلى تونس، مؤكدة أن أنشطة التقصي المنجزة من طرف مصالح وزارة الصحة متواصلة، ولم تسفر عن تسجيل أي إصابة بجرثومة الكوليرا. كما لفتت إلى أنه في نطاق الوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بتدهور عوامل المحيط، وإمكانية تفاقم هذه المخاطر في صورة حدوث فيضانات، فإن مصالحها المختصة بصدد تكثيف أنشطتها الوقائية المتعلّقة بمراقبة مياه الشرب والأغذية والمياه المستعملة والمحيط عامة، مؤكدة ضبط الإجراءات المطلوبة ووضعها حيز التطبيق، بالتعاون مع السلطات والمصالح المعنية حماية للصحة العامة. كذلك أوصت بضرورة الامتناع عن التزوّد من مصادر مياه غير مأمونة، بما في ذلك وحدات معالجة وبيع المياه للعموم، وباعة المياه الجوالين، واستعمال أوعية صحية ونظيفة لحفظ المياه وتطهيرها، والتزود من نقاط مياه خاصة، وتطهير الخضر والأواني بمادة "الجافال"، واعتماد السلوكيات السليمة، خاصة في ما يتعلّق بتداول المياه والأغذية بالمنزل وغسل الأيدي بالماء والصابون، وتصريف الفضلات والمياه المستعملة المنزلية بطريقة صحية. ومن جهته، شدّد مدير حفظ الصحة والمحيط الدكتور محمد الرابحي، على ضرورة الوقاية واتباع إجراءات السلامة والحماية والمراقبة المستمرة، والتثبت من نظافة مياه الشرب والمواد الغذائية والخضر والغلال والمحيط بصفة عامة. وأكد الرابحي أن تونس لم تسجل أية إصابة بجرثومة الكوليرا، ولكن هناك حالة من الاستنفار والاستعداد بهدف الوقاية من أي خطر في هذا الشأن، مشيرا إلى أن معطيات وزارة الصحة تفيد بظهور حالات كوليرا ببعض المناطق في الجزائر الشقيق، ما يدعو إلى ضرورة تعزيز الوقاية والتقصّي والمراقبة. و أكّد أنّ الوزارة وضعت منذ سنوات برنامجا للوقاية من وباء الكوليرا ويُعنى البرنامج أساسا بالمناطق الحدودية يتمّ فيه مراقبة المياه والمواد الغذائيّة لأنّ هذه الجرثومة تنتقل أساسا عبر المياه أو الأغذية، كما أنّه ستكون هناك مراقبة لصيقة لمحطات تجميع ومعالجة المياه، على حدّ قوله. و أضاف الرّابحي أنّ الوزارة ستقوم كذلك بنشر بلاغ لإعلام و توعية المواطنين بطرق الوقاية و المتمثّلة في نظافة الجسم و غسل الأيدي بالصابون و استعمال الجافيل في غسل الخضر و الغلال و الأوعية التي تخزّن فيها المياه، و أيضا الامتناع عن التزود بالمياه من مصادر غير معلومة. أمّا فيما يتعلّق بتوفير الأدوية في صورة ما تمّ تسجيل إصابات بوباء الكوليرا قال الرّابحي إنّه مبدئيا يمكن القول أنّ الأدوية متوفّرة و رفض تأكيد هذه النّقطة لأنّها تعود بالنّظر إلى مصالح إدارة الصيدلة. و شدّد مدير حفظ الصّحة في نهاية حديثة على أنّه يجب التّوجه إلى أقرب مستشفى أو مستوصف حين ظهور عوارض الإصابة بهذا الوباء، كالإسهال و ارتفاع درجة حرارة الجسم، معتبرا هذه الجرثومة خطيرة على حياة الأفراد. وبين الجد والهزل، تصدّر جدل "الكوليرا" اهتمامات نشطاء منصات التواصل الاجتماعي ، الذين وصفوها ب"عودة الكوليرا في زمن اللّاحبّ".
جدير بالذكر أن وزارة الصحة الجزائرية كانت قد أعلنت تسجيل حالتي وفاة و46 إصابة مؤكدة بمرض الكوليرا في الجزائر العاصمة وثلاث مناطق مجاورة لها، وهو التفشي الأول للوباء في البلاد منذ عام 1996، مؤكدة أن هذه الحالات "معزولة".