تضمّنت البرامج الانتخابية للعديد من المرشحين للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها نقطة مشتركة وهي تغيير الدستور في بابه المتعلّق بصلاحيات رئيس الجمهورية، باعتبارها محدودة حاليا، وتحدّ من مجال تدخّل الرئيس في العديد من المجالات. وأجمع الملاحظون على أن الدعوة لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية على الرغم من أنها مهمّة وليست محدودة هي حنين لعهد الاستبداد والرأي الواحد والحكم الواحد. واعتبر أستاذ القانون الدستوري والمحلل السياسي جوهر بن مبارك أن العديد من السياسيين يحاولون تعليق فشلهم على الدستور والنظام السياسي بحثا عن ترحيل المسؤوليات. وأضاف بن مبارك في تصريح لموقع “الشاهد” أن هؤلاء السياسيين يسعون للعودة إلى نظام الحكم الفردي والنظام الرئاسي الذي يكون فيه رئيس الجمهورية مسيطرا ومهيمنا على جميع السلطات وكل الصلاحيات، تحت شعار إصلاح المنظومة السياسية والدستور، مشيرا إلى أن فترة الحكم الواحد عايشناها في تونس من الاستقلال إلى الثورة وعايشنا عواقبها الوخيمة على مستقبل وسياسة البلاد. كما أكد أستاذ القانون الدستوري أن صلاحيات رئيس الجمهورية ليست محدودة. ورغم أن الصلاحيات التنفيذية التي هي الأهم لدى رئيس الحكومة، إلا أن رئيس الجمهورية له صلاحيات مهمة وأساسية في جوانب مختلفة، تتعلّق باحترام الدستور، ينجرّ عنها مجموعة كبيرة من الصلاحيات في علاقة بملاءمة القوانين الجاري بها العمل في النصوص الدستورية من أجل احترام ارساء الهيئات الدستورية والسهر على استكمال إرساء منظومة الدولة الديمقراطية. وأضاف أن رئيس الجمهورية يتمتّع بصلاحيات سياسية مهمة تتمثّل في صياغة مبادرات تشريعية غير محددة بمجال معين، بل مشاريع قانونية تشمل كل المجالات حتى التي لا تتعلّق بصلاحياته كالمسائل القضائية والمالية وغيرها، إلى جانب الاعتراض على مشاريع قوانين وهي عبارة على سلطة رقابة على البرلمان. وتابع بن مبارك أنه لرئيس الجمهورية “صلاحية رئاسة المجالس الوزارية التي يتدخل من خلالها في عملية وضع جدول الأعمال ويطلع على سير الأعمال ويؤثر في النقاشات والحوار، وصلاحية مخاطبة مجلس النواب وتأدية خطاب يؤثر ويوجه به العمل البرلماني ووضع السياسة العامة بالشؤون الخارجية والدفاع والأمن القومي الذي هو مفهوم واسع يشمل الأمن بالمعنى الدقيق وما تبعه”. وشدّد المتحدّث على أن رئيس الجمهورية إذا أراد أن يكون فاعلا ونشيطا على المستوى السياسي والتشريعي والرقابي، يعطيه الدستور جميع الآليات، ولئن كان منصب الرئيس من الناحية التنفيذية محدودا، لكن من ناحية التوجيهات العامة وسياسة الدولة فهو فعال ومهمّ.