كان الجميع ينتظر هامش الحرية في برنامج البرنامج لصاحبه باسم يوسف، خاصة بعد إنتقال البرنامج من قناة سي بي سي المصرية إلى قناة إم بي سي السعودية. و كانت الحلقة الأولى قد منعت على سي بي سي و وقع إتهام المقدم و التهجم عليه بسبب نقده لفرعون مصر الجديد السيسي قائد الإنقلاب العسكري الذي أطار بالرئيس مرسي. الجيمع تفاجئ بإنتقال البرنامج إلى قناة إم بي سي السعودية و بقي ينتظر ردود الفعل التي تلت عرض الحلقة الأولى من الموسم الجديد سائلاً عن هامش الحرية، الذي يمكن أن يُتاح له على ‘إم بي سي مصر'، نظراً لرعاية النظام السعودي لحكم السيسي، و تبنيه سياسياً و مالياً و إعلامياً، و ‘البرنامج' يُعرض على شبكة القنوات السعودية التي لم نتعوّد أن نرى على شاشاتها ما يخالف السياسة الخارجية و الداخلية للنظام الحاكم، و قناة ‘العربية' خير مثال ،و لا يملك ‘البرنامج' إلا أن يخضع لهذه المعادلة الثابتة. و كما متوقّعا فالبرنامج من خلال الحلقات الخمس منه يتحوّل رويداً رويداً إلى حصر النقد و السخرية في ‘النظام الإعلامي' في مصر، هازئاً من التلوّن الفضائحي و الحربائي في الإعلاميين المصريين المطبّلين للسيسي بعدما زمّروا للثورة قبل أن يلحّنوا للإخوان في الوقت الذي كانوا فيه يقيمون ‘العَراضات الشامية' لنظام مبارك. صحيح أن في كل ذلك مادة إعلامية دسمة ليوسف، و صحيح أنه يضحكنا بذكاء و خفّة دم و بموقف هو كما سبق و ذكرنا الأقرب لمبادئ و شباب ثورة يناير، لكنه للأسف حصر نقده الساخر بالإعلاميين و بالمجتمع المصري المؤيد للسيسي، و بكل ما يحوم حول الديكتاتور الجديد دون الاقتراب صوبه، و يبدو أنه فهم المعادلة التي تسمح له بالبقاء في شبكة القنوات السعودية دون أن يُغضب مالكيها. نستطيع أن نرى أن يوسف و برنامجه ‘يناضلون' لإبقاء البرنامج على ‘إم بي سي مصر' بتحاشي سيرة السيسي، بقدر يحفظ لهم استمرارية عروضهم من جهة، و يحفظ لهم حقّهم في عرض نسبيّ لمواقفهم السياسية من جهة ثانية، و هذا الأخير هو الأساس الذي بُني عليه البرنامج في موسميه الأول و الثاني و هو الذي بدأت حصّته تتضاءل. الآن بصمة ‘إم بي سي' الترفيهية تطغى على البرنامج. قد يتم إرضاء المشاهد أو إلهائه عن السخرية السياسية للبرنامج بسخرية اجتماعية و إعلامية مسلية و مضحكة، إلا أن الضحك هذا لن ينفع كرشوة لقبول الطابع الترفيهي الجديد للبرنامج.