يعلم الجميع أنّ اليسار الانتهازي أفرط في استعمال الجريمة المقنّنة أكثر من بن علي وبورقيبة ، فهو الذي دعم أركان الدكتاتور وهو من أشرف على أبشع أنواع التعذيب في الداخليّة التونسيّة خلال عشريّة التسعينات الحمراء وهو نفسه من أسّس لمشروع تجفيف منابع التديّن الذي هو في حقيقته تجفيف منابع الإسلام كدين استقبلته بلادنا لأكثر من 14 قرنا . لكن بعض المبالغين في الطيبة اعتقدوا أنّ اليسار الراديكالي قد يشذّ عن قاعدة ربيبه ، وإن أبقى على مناكفته المجانيّة لخصومه الأديولوجيّين فإنّه لن يتجرأ على الثورة أبدا ولن تسمح له أدبيّاته بأن يضع يده في يد الفلول لإجهاضها، لكن خاب أمل هؤلاء عندما قبلت الجبهة الشعبيّة باستعمالها من طرف التجمّع بشكل مذلّ ومخزي، وتطوّع الهمامي بالتحالف مع السبسي رئيس برلمان بن علي ومحمد الغرياني الأمين العامّ للتجمّع واستعان بدرهم وريال الرجعية لإسقاط المرزوقي والعريض أبناء السجون والمنافي، ثمّ اليوم ومن أجل أن تكمل هذه الجبهة مهمتها القذرة وتنتصر للعمود الأقوى في أحزاب التجمّع وترد بعض أفضال النداء عليها ، بدأت تتحدّث عن ضرورة حرمان التجمعيّين من العودة الى الساحة في محاولة لضرب تجمّع القروي ومرجان لصالح تجمّع الغرياني والسبسي، فأيّ مهمّة أقذر من هذه على وجه البسيطة؟ يحار الحليم في عمق الوقاحة التي تتسلح بها بعض قيادات الجبهة الشعبيّة، فبعد تعبيد الطريق للتجمّع واشتغالهم كعرّابين لفلول بن علي، يطلّ علينا همامي آخر ليقاتل من أجل المحافظة على كيان واحد للتجمّعيّين والحيلولة دون تشتت جهود هذا المبيد العائد من بعيد ، جيلاني الهمامي الذي تذليل محاولات الانقلاب الفاشلة التي قادها التجمّع جاء اليوم وبلا خجل يحرض الشعب على تجمع صغير لصالح تجمع كبير. جيلاني الهمامي: " حلّ حزب التجمّع استحقاق من استحقاقات الثورة، ومكسب من مكاسبها لا سبيل للالتفاف عليه بالسماح لهذا الحزب بالعودة لا كحزب ولا كأحزاب بأسماء أخرى بذات الاختيارات والرموز. والمطلوب اليوم هو سحب التأشيرة من هذه الأحزاب التي أصبحت تتجرّأ وبكلّ وقاحة على المجاهرة بتمجيد التجمّع وبن علي وحقبتهم المظلمة. ألم يكن حامد القروي وزيرا أول لبن طيلة 12 سنة؟ ونائبه على رأس التجمّع حتى آخر أيامه؟ ..علي العريض وحكومته التي منحته تأشيرة الوجود القانوني يوم 23/09/2013 هم المسؤولون عن طعن الثورة في الظهر ووجب محاسبتهم على هذه الموقف المشين. ومهما كان من أمر لا سبيل اليوم للسماح للتجمّع لا بالعودة ولا بالترشّح للانتخابات القادمة ما لم يقع البت في جرائمهم السّياسيّة والاقتصاديّة التي اقترفوها ضمن ملفّ قضائي وجب فتحه فورا. .أمّا أن يقع التعويل على العدالة الانتقاليّة بصورة مجرّدة، بعد أن تمّ تعطيلها عنوة لسنوات، فهو سخريّة وضحك على تونس وشعب تونس وثورة تونس." التمهيد لجمجمة التجمّع وخدمتها والافساح لها ثم الإنكار على أطراف التجمّع وحواشيه ومحاولة التصدّي لها ، هي مهنة قديمة حقيرة مخزية ، عرفتها البشريّة منذ آلاف السنين ، نتنزّه عن ذكرها في هذا المقام. نصرالدين