رئيس الجمهورية يركّد على ضرورة انسجام العمل الحكومي    قيس سعيّد: "لا وجود لأي مواجهة مع المحامين ولا أحد فوق القانون"    لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي تبحث تنقيح قانون التعليم الخاص    درجات الحرارة ليوم الخميس 16 ماي 2024    نمو مستمر للإسلام في فرنسا    يوميات المقاومة .. تحت نيران المقاومة ..الصهاينة يهربون من حيّ الزيتون    جلسات استماع جديدة ضد الصهاينة في محكمة العدل ...الخناق يضيق على نتنياهو    العدوان في عيون الصحافة العربية والدولية ..أمريكا تواصل تمويل حرب الإبادة ..دفعة أسلحة جديدة بقيمة مليار دولار    عاجل: بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامي مهدي زقروبة ونقله إلى المستشفى    متابعة سير النشاط السياحي والإعداد لذروة الموسم الصيفي محور جلسة عمل وزارية    بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. حالة رئيس وزراء سلوفاكيا خطيرة    عقارب: أجواء احتفالية كبرى بمناسبة صعود كوكب عقارب إلى الرابطة المحترفة الثانية.    ايقاف مؤقت لبرنامج Emission impossible على اذاعة إي إف أم    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    الكشف عن شبكة لترويج المخدرات بتونس الكبرى والقبض على 8 أشخاص..    دعوة الى إفراد قطاع التراث بوزارة    أولا وأخيرا .. «شي كبير»    سليانة: إلقاء القبض على سجين بعد فراره من أمام المحكمة    صفاقس: اشتباكات بين المهاجرين غير النظاميين فيما بينهم    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    البنك الاوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقّع انتعاش النمو في تونس    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الديوانة تطلق خدمة التصريح بالدخول الخاص بالإبحار الترفيهي    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلطات    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    في اليوم العالمي للأسرة: إسناد 462 مورد رزق لأسر ذات وضعيّات خاصة ب 15 ولاية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ: إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق 7 أشخاص    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    وزير الرياضة في زيارة تفقديّة للملعب البلدي بالمرناقية    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر: الثورة على القضاء ….أو القضاء على الثورة ؟؟؟
نشر في الشاهد يوم 25 - 03 - 2014

قد يرى الكثيرون من الملاحظين والمحلّلين والمتابعين لتطورات الأوضاع في مصر أنّ الأمور هناك تسير نحو التعقّد والتأزّم وتنحدر نحو هوّة سحيقة لا قرار لها خاصّة بعد القرارات الأخيرة وليس آخرها قرار إعدام 529 من النشطاء المعارضين لانقلاب 30 جوان 2013 الذي قاده الفريق السيسي…
ولكنني أرى المشهد من زاوية أخرى تتيح لي ملاحظة ما لم يلاحظه الكثيرون واستنتاج ما لم تنته إليه تحاليلهم وقراءتهم للأوضاع في أرض الكنانة …
فمنذ استيلاء العسكر على السلطة في مصر اثر انقلاب 30 جوان على أوّل رئيس شرعي منتخب في تاريخ مصر القديم والحديث … سالت دماء كثيرة واشتغلت ماكينة القتل منذ الساعات الأولي من عمر الانقلاب وكانت لها محطّات فارقة وبارزة ليست ميادين رابعة والنهضة إلّا نموذجا صارخا على دموية الانقلابيين وحقدهم على كل ما هو انساني وديمقراطي وإسلامي …
لسسنا هنا في معرض تعديد جرائم الانقلابيين في مصر واحصائها … فقد أصبحت هذه الجرائم معروفة لدى القاصي والداني . ولكنّنا سننظر في مسارات هذا التمشّي الانقلابي ومآلاته خاصّة بعد اعتزام الفريق السيسي الاستقالة من منصبه العسكري والترشح لرئاسة مصر وما صدر عن القضاء المصري يوم 24 مارس 2014 من قرار بإعدام 529 ناشطا إسلاميا يعارضون الحكم العسكري والانقلاب على الشرعية…
فإلى أين تسير الأمور في مصر اليوم؟
إنّ أيّ نظام عسكري – بحكم خلفيته العسكرية – ليس له من هدف في أيّ مشروع يريد إرساءه لتثبيت حكمه إلّا فرض رؤيته ومشروعه بالقوّة ومهما كانت التكاليف فالمهمّ هو أن يخرج على الناس في ثوب الممسك بكل مفاتيح المشاكل التي تعيشها البلاد وإقصاء الناس عن إمكانية الإسهام في تغيير المشهد بأيّ شكل من الأشكال … وفي حقيقة الأمر هذا النوع من الحكام لا يمتلكون إلّا مفتاحا واحدا يرونه صالحا لفتح كل الأبواب الموصدة … إنّه مفتاح في شكل بندقية أو هي بندقية في شكل مفتاح أو هو " البندقية المفتاح " .
وهذا ما يفعله النظام العسكري الجاثم على صدور المصريين منذ أكثر من تسعة أشهر …
إنّ شعار السيسي ومن معه اليوم هو أنّ كل مشاكل مصر لا تُحَلُّ إلّا بالقوّة …وما لا يمكن حلّه بالقوّة يمكن حلّه بمزيد من القوّة…لذلك نرى سلطات الانقلاب تمعن في العنف وتصرّ عليه وكل يوم تخرج علينا بإبداع جديد في هذا المجال هو تكثيف لجرعة العنف و تركيز لها ليس إلّا على أمل إخماد صوت الحقّ الذي لم تخفت نبرته يوما واحدا في كل شبر من أرض الكنانة منذ إعلان الانقلاب….
ما يقع في مصر اليوم لا يعدو أن يكون سوى صراع إرادات …
هو صراع بين من يملكون القوّة المادية العسكرية الغاشمة و من يمتلكون القوّة المعنوية و الأخلاقية القاهرة.
فريق يمعن في القتل وإراقة الدم وفريق يصرّ على التضحية وبذل الدم .
فريق ليس له من حلّ لمشاكل مصر و أزمتها إلّا القتل والهروب إلى الأمام… وفريق له حلول كثيرة وحزمة بدائل مكتنزة ولكنّه يصرّ على انتهاج سبيل التضحية و" السلمية " .
وهذا ما يجعلني أرى المشهد – على تأزّمه – مقبل على حلّ جذريّ أسرع ممّا يتوقّعه الكثيرون .
فالعسكر في مصر عندما يشخّصون مشاكل البلد يلخصونها في " إرهاب الإخوان " … فمصر عندهم وفي عهدهم تجاوزت كل مشاكلها ولم يبق لها من مشكل إلّا الإخوان … لذلك يجب القضاء عليهم وبكل الوسائل ( وليس لهم من وسيلة إلّا القتل) …
هذا خطأ في التشخيص ولا شكّ سينتج عنه خطأ في العلاج وتصوّر الحلّ … فمنذ تسعة أشهر وقطعان السيسي تمارس هوايتها وبراعتها في القتل والتنكيل بالثوّار دون أن يجد العسكر سبيلا إلى تحقيق أهداف الانقلابيين وغاياتهم …
فلماذا لم تستقر الأوضاع في مصر على هوى الانقلابيين ؟
لقد تفطّن " الإخوان " في مصر منذ اللحظة الأولى إلى أنّ جميع الرافضين لنهجهم وفكرهم ولدينهم في نهاية المطاف إنّما يريدون جرّهم إلى مربّع العنف ليتسنّى لهم حشرهم في الزاوية / زاوية الإرهاب والقتل …وهكذا يعزل الإخوان ويحرمون من تعاطف الناس مع قضيتهم العادلة فيتحول الجلّاد إلى ضحيّة والضحيّة إلى جلّاد … إنّها حيلة مهترئة انتهجتها كل الأنظمة العربية الاستبدادية في مواجهة خصومها السياسيين من الإسلاميين أو ما اصبح يعرف بظاهرة الإسلام السياسي …
إنّني واثق تمام الثّقة أنّ الإخوان في مصر لن ينجروا إلى مربّع العنف وردّ الفعل مهما كانت جرائم الانقلابيين بشعة ومؤلمة لأنّ هذا ما يتمناه السيسي وأعوانه وكل الرافضين للإسلام السياسي في العالم … الإخوان في مصر قرّروا التضحية بأموالهم وأبنائهم وأرواحهم وبكلّ شيء في هذه الدنيا من أجل الوطن …ولن يدخلوا في مواجهة مع بني جلدتهم ولن يكونوا وقودا للحرب الأهلية في مصر التي يتمنّاها الكثيرون في الداخل والخارج .
قد يفقد الإخوان في مصر الكثير نتيجة هذا الخيار … ولكنّهم سيكسبون على المدى المنظور الكثير والكثير جدا … لقد كسبوا تعاطف كل الدنيا وبدؤوا يمحون تلك الصّورة المشوّهة التي يحملها العالم عن الإخوان والتي اشتغل كل الطغاة والمستبدّين وأعداء الدّين على ترسيخها طيلة قرون وهي صورة المسلم القاتل الهمجيّ الإرهابي …و ها هم الإخوان اليوم يخرجون على العالم مثالا للتضحية والفداء والإصرار على الحقّ والعطاء والبذل دون حدود .
إنّ الإخوان في مصر يلقّنون العالم اليوم درسا مبتكرا في المواجهة لا يقدر عليه غيرهم …
إنّ الشرّ إذا قُوبِل بالشرّ فلن ينتج إلّا شرّا أفضع….
إنّ العنف إذا قُوبلَ بالعنف فلن ينتج إلّا عنفا أعمق أشدّ…
إنّ القتل إذا قوبِل بالقتل فلن ينتج إلّا قتلا أبشع ….
وقد اختار الإخوان في مصر مواجهة القتل والشرّ والعنف بالصّمود والعطاء و" السلميّة "…
ماذا سينتج هذا الخيار ؟ و هل ينتصر الدمّ على السيّاف ؟؟
إذا جُوبِهَ الشرّ بالخير …فهناك احتمالان
- إمّا أن يُلَقَّحَ ذلك الشرّ بالخير فيتراجع وينحسر مدّه ويموت شيئا فشيئا ليتحوّل في النهاية إلى خير.
- وإمّا أن يُصَابَ ذلك الشرّ بالعقم فينهار ويتلاشى وينتهي …
ويبدو أنّ الأمور في مصر تسير نحو النهاية الثانية … فشرّ العسكر وقتل الانقلابيين وعنفهم لم يقابل حتى الآن بقتل وعنف وشرّ من جنسه لذلك صار الانقلابيون يحسّون بدنوّ أجلهم وقرب نهايتهم لأنّهم يقتاتون من الدّماء والقتل فكلّما زاد القتل وسالت الدماء إلّا وازدادوا قوّة وتجبّرا فتلك هي مهنتهم وحرفتهم وهم لا يجيدون غيرها .
وكلما تناقص منسوب الدماء والقتل إلّا وأحيلوا على البطالة الإجبارية وتراخت قبضتهم عن رقاب الأحرار …فانكشفوا على حقيقتهم وظهرت عوراتهم … وأصيبوا بالعقم .
إنّ ما قام به القضاء المصري قبل يومين بقراره إعدام 529 مصريا إنّما هي محاولة بائسة و يائسة لإشغال الثوّار بتوجيه الاتهامات وتصويب الضربات نحو القضاء ونسيان راس الأفعى( السيسي و جيشه ) وما يقوم به الانقلابيون تحت السّتار … إنّها محاولة للتشويش و التّعتيم على استقالة السيسي و اعتزامه الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة في ظل أزمة ثقة و تخوين بين قيادات الجيش …إنّها محاولة لجرّ الإخوان لردّ الفعل العنيف لتستعيد " ماكينة القتل " عافيتها و تستمدّ من عنف الضحية شرعيّة افتقدتها حتّى الآن …
إنّ " الإخوان " في مصر لن يسعفوا هذا النظام العسكري الانقلابي الدمويّ بحقنة التنشيط ( ردّ الفعل ) …ثقوا أنّهم سيتركون الانقلابيين يتهاوون و يترنّحون و يسقطون لوحدهم في الجبّ الذي حفروه للجميع …
لقد قرّر الإخوان قطع التنفّس عن الانقلابيين…لانّ هؤلاء القتلة يتنفّسون عنفا و دماء .لذلك سيدع الإخوان القضاء جانبا و لن يخوضوا معركة وهمية واهمة مع ذنب من أذناب الانقلاب ولن يحتجّوا على أحكامه وقرارته … فأحكامهم و قراراتهم ساقطة و ستسقط مثلما سيسقط حكمهم …
إنّ قضاة الانقلابيين بلاء وقضاء …و الإخوان في مصر يعرفون أنّها معركة جانبية يراد لهم خوضها ولن يخوضوها ….فمعركتهم مع رأس النظام ولا مع أذنابه …
أيّها الثوار الأحرار في مصر ….اثبتوا في مواقعكم الأولي و امسكوا بالجمر … ادفعوا الضّريبة المستحقة للحرية والكرامة والعدالة … اقضوا ما عليكم من واجبات … فلن يقضى على ثورتكم ما دمتم هكذا .
الجمعي العليمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.