تحت سامي اشراف الرئيس زين العابدين بن علي افتتحت يوم الجمعة بتونس اشغال الندوة الدورية الثالثة للرؤساء المديرين العامين للمؤسسات المالية التي ستخصص على مدى يومين لدراسة سبل دعم مساهمة القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وابرز السيد محمد الغنوشي الوزير الأول لدى افتتاحه أشغال الندوة الدور الهام الذي تضطلع به البنوك التونسية في معاضدة الحركية الاقتصادية للبلاد ودفع الاستثمار والتشغيل مساهمة منها في تحقيق الأهداف المرسومة ولا سيما في ظل الازمة الاقتصادية العالمية. واستعرض في هذا الصدد مختلف المؤشرات التي حققها القطاع البنكي خلال السنة المنقضية والتي مكنت الاقتصاد الوطني من التوقي من تداعيات الازمة من جهة والتقليص الى اقصى حد ممكن من انعكاسات تراجع الطلب الخارجي على تموقع المنتوجات التونسية في الخارج من جهة اخرى. واشار في ذات السياق بالخصوص الى تطور مساعدات القطاع المصرفي للاقتصاد الوطني بنسبة 8ر11 بالمائة وتطور قيمة المشاريع التي مولها القطاع الى 3 مليار دينار اى بارتفاع بنسبة 40 بالمائة مقارنة بسنة 2007 فضلا عن تقلص نسبة الديون المصنفة الى 2ر15 بالمائة من جملة تعهدات القطاع منها نسبة 7ر57 بالمائة قد تمت تغطيتها بالمدخرات مقابل 1ر44 بالمائة سنة 2003 . وبين الوزير الاول ان الجهود التي بذلها القطاع البنكي خلال العشرية الاخيرة للمحافظة على توازناته قد انعكست ايجابا على سلامة التوازنات العامة للاقتصاد الوطني من ذلك تحسن المديونية ب13 نقطة لتمر من 52 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي خلال العشرية 1996-2004 الى 39 بالمائة خلال العشرية 2004-2008 كما توفقت تونس الى تحقيق نمو بنسبة 2ر5 بالمائة سنويا خلال العشرية الاخيرة وتطور عدد مواطن الشغل المحدثة سنويا الى 75 الف مقابل 54 الف خلال العشرية 1996-2004 فضلا عن ارتفاع نسبة الاستثمار الاجنبي المباشر من 6ر1 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي الى 5ر5 بالمائة سنة 2008 . وفي معرض حديثه حول الازمة المالية العالمية التي كانت الاخطر منذ سنة 1929 اكد ان تونس كانت من بين البلدان الاوئل التي سارعت منذ بروز البوادر الاولى للازمة الى اقرار برنامج للتقليص من تداعياتها. وتضمن البرنامج الذى يهدف بالاساس الى معاضدة المؤسسة التونسية اجراءات ظرفية على المدى القصير ترمي الى مساعد المؤسسة على التصدى للتقلص في نشاطها نتيجة تراجع الطلب الخارجي وتمكينها من اليات للمحافظة على مواطن الشغل فيها. وقد مكن البرنامج من حصر عدد العمال المسرحين في حدود 4200 عامل فقط. وتمثل عمليات التسريح في جانب كبير منها عقودا انتهت مدتها. وقد شهد عدد المسرحين استقرارا منذ شهرين بما يقيم الدليل على قدرة المؤسسة التونسية على الصمود. ويرتكز البرنامج في المدى الطويل على ثلاثة محاور قصد تمكين المؤسسة من استغلال الفرص التي توفرها الازمة. ويتمثل المحور الاول فى دفع الاستثمار العمومي من خلال الرفع في استثمارات التنمية للدولة بنسبة 20 بالمائة واقرار برامج لاستحثاث نسق الاستثمار في المؤسسات العمومية. ويتمثل المحور الثاني في ملاءمة التكوين مع حاجيات الاقتصاد من خلال الرفع في عدد المهندسين من 4500 حاليا الى 7 الاف في افق 2011 واعتماد نظام الاشهاد بالنسبة لشهادت التكوين المهني والتعليم العالمي. أما المحور الثالث فيتعلق بدعم القدرة التنافسية وتحسين مناخ الاعمال من خلال العناية بالجوانب اللوجستية في التجارة الخارجية التي تكلف اليوم الاقتصاد الوطني 20 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في حين تقدر هذه النسبة ب15 بالمائة في الدول المتقدمة. وابرز السيد محمد الغنوشي ان تونس التي توفقت بشهادات الهيئات الدولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي الى تحقيق النجاعة الاقتصادية تمكنت من المحافظة على تقييمها السيادى رغم تشدد المقاييس التي تعتمدها مؤسسات التصنيف العالمية في تقييم المخاطر. وبين ان ما يزيدنا ثقة في قدرة البلاد على تجاوز هذا الظرف العالمي الصعب هو الاعتماد على مقاربة تتسم بالواقعية وتتضمن اهدافا ذات طابع الزامي. واشار الى الفرص المتوفرة للارتقاء بنسبة النمو الى مستويات افضل والرفع من تشغيل اصحاب الشهادات العليا من خلال تحسين الانتاجية باعتبار الهامش الكبير الذى لا يزال متوفرا في هذا المجال وذلك في حدود 27 بالمائة في قطاع الصناعة و40 بالمائة في قطاع الخدمات. كما ابرز الافاق الكبيرة التي يوفرها قطاع تكنولوجيات الاعلام والاتصال ولا سيما في قطاعى التزود الخارجي والصحة مشيرا الى ان دراسة استراتجية يتم اعدادها حاليا للوقوف على الافاق التي توفرها هذه القطاعات. ودعا في هذا الصدد البنوك الى مواصلة العمل على مساندة الاقتصاد الوطني من خلال مساعدة المؤسسات التونسية على الرفع من الاستثمار والتشغيل والاحاطة بها وتوجيهها نحو القطاعات الواعدة وذات القدرة التشغيلية الهامة ولا سيما بالنسبة لحاملي الشهدات العليا. وافاد الوزير الاول ان العديد من المؤشرات التي برزت مؤخرا تشير الى امكانية انتهاء الازمة العالمية مع موفى السنة الحالية ورجوع الاقتصاد العالمي الى سالف حركيته ويتجلى ذلك من خلال رجوع الثقة الى البورصات العالمية وارتفاع سعر البترول الى 57 دولارا. وشدد على اهمية الاستعداد الى ما بعد الازمة من خلال دعم الاستثمار لا سيما في القطاعات المشغلة ومساعدة المؤسسات على استغلال الظرف الراهن لتكون اقدر على مواجهة الازمة بالتركيز على العنصر البشرى والترويج والتحالف والشراكة بما يمكنها من تجاوز الصعوبات باكثر فاعلية ودعم طاقة الانتاج والتشغيل. تعزيز دور القطاع البنكي في الإحاطة بالمؤسسة التونسية وأكد السيد توفيق بكار محافظ البنك المركزى في الجلسة الافتتاحية اهمية هذه الندوة التي تلتئم في ظرف يتسم بصعوبات اقتصادية عالمية مشيرا الى انها تمثل موعدا لمناقشة عديد القضايا المطروحة ولا سيما ذات الصلة المباشرة على اداء القطاع. وبين ان اللقاء يعتبر مناسبة لتقييم الاجراءات التي تم اتخاذها والرامية الى مساندة المؤسسات التونسية على التوقي من تداعيات الازمة العالمية. وابرز الدور الهام الذى يضطلع به الجهاز المصرفي في مساعدة الاقتصاد الوطني وتامين التمويلات اللازمة للاستثمار ودفع التشغيل ولا سيما في الجهات الداخلية للبلاد. وبين ان الازمة الحالية قد برهنت على صواب الخيارات التونسية في اعتماد سياسة اصلاحية ناجعة للقطاع ودعم دوره في دفع التنمية بعيدا عن الاحتكار واستعمال الادوات المعقدة وهو ما جعله في مناى عن انعكاسات الازمة المالية. واوضح ان القطاع مطالب اليوم بالمحافظة على المكاسب التي حققها والاحاطة بالمؤسسة التونسية وتوجيهها نحو الاستثمار في القطاعات الواعدة وذات القدرة التشغيلية الكبيرة. وخصصت الحصة الاولى من الندوة لبحث محور يتعلق بالاستثمار الخاص في ظل الازمة المالية العالمية دور القطاع المصرفي ابرز خلالها السيد عفيف شلبي وزير الصناعة والطاقة والموسسات الصغرى والمتوسطة دقة الظرف العالمي الراهن وانعكاسات الازمة العالمية على اقتصاديات البلدان لا سيما الاتحاد الاوروبي الشريك الاول لتونس وهو ما يقتضي مواصلة المتابعة واليقظة التامة من طرف كافة الاطراف المعنية خاصة منها المؤسسات البنكية. واستعرض في ذات السياق الاجراءات الرئاسية التي تم اتخاذها لمواصلة رصد تطور الظرف الاقتصادى ومتابعته لاخذ التدابير اللازمة ومساندة برامج المؤسسات والقطاعات التي قد تتاثر من تداعيات الازمة المالية العالمية سعيا الى الحفاظ على نسق انشطتها ومواطن الشغل فيها. وستعكف الندوة التي تتواصل اشغالها الى يوم غد السبت كذلك على دراسة محاور تهم المبادلات التجارية مع الخارج والاستثمار الخارجي المباشر في ظل الازمة المالية العالمية دور القطاع المصرفي و دور تكنولوجيات الاتصال في الارتقاء باداء الجهاز المصرفي وتحسين جودة خدماته والجهاز المصرفي سند للاقتصاد ومرافق للمؤسسات وسلامة توازناته مسؤولية وطنية.