يحتضن المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون “بيت الحكمة” بقرطاج يومي الاثنين والثلاثاء الدورة الثالثة لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية. وحضر اشغال الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة السادة عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث والشاذلي النفاتي الامين العام المساعد رئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس وباى ليتشن نائب رئيس اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشارى السياسي للشعب الصيني ورئيس الوفد الصيني وعبد الوهاب بوحديبة رئيس “بيت الحكمة” الى جانب عدد هام من رجالات الثقافة والاعلام من تونس والصين وعدة بلدان عربية اخرى. وفي كلمة القاها بالمناسبة ابرز السيد عبد الروءوف الباسطي عمق علاقات الصداقة التي تجمع بين الشعبين التونسي والصيني منوها باختيار جامعة الدول العربية تونس لاحتضان هذه الندوة وبالحضور المكثف لممثلي جمهورية الصين الشعبية والدول العربية المشاركة. واضاف ان الحضارة الصينية من اقدم الحضارات في العالم تعود بداياتها الى ما يزيد عن 5 الاف سنة وقد ساهمت في اغناء الحضارة الكونية من خلال انجازاتها الهامة في مجالات العلوم والصناعة والطب والفلك والمعمار. واشار من جهة اخرى الى عراقة الموروث الحضارى للبلدان العربية التي انصهرت فيها عدة حضارات على غرار الحضارات المصرية القديمة والسومارية والاشورية والبابلية والفينيقية والبونية فكانت الحضارة العربية من هذا المنطلق حضارة تراكم ومثاقفة وتلاقح مع ما سبقها من حضارات وما جاورها . واوضح ان الحضارة العربية تركت بصماتها في جميع المجالات من خلال موءلفات في علوم التاريخ والجغرافيا والادب والطب والرياضيات وعلم الحيوان والنبات والفلك وساهمت في تنمية هذه العلوم وتطوير البحث فيها فقد صاغ العرب مثلا مبادىء علم الجبر وشاركوا في وضع ابجديات علم الطب وكان لابن خلدون فضل وضع الاسس الاولى لعلم الاجتماع. وبين الوزير ان الجامع المشترك بين الحضارة العربية ونظيرتها الصينية ايمانهما بانسانية الانسان وعلويتها وبكونية الحضارة واهمية اغنائها بكل الخصوصيات. ولاحظ ان من غريب المفارقات ان عصرنا هذا عصر الاتصال والتواصل قد شهد تعطل الحوار في كثير من اصقاع العالم وتفاقم الازمات وتصاعد دواعي صراع الحضارات وصدامها ومساعي الى تسخير المستحدثات التكنولوجية والثورة الرقمية لتنميط الحضارة الكونية وفق النموذج الاوحد الغالب وطمس الخصوصيات الثقافية والغاء الحق في الاختلاف والتنوع . واوضح انه في خضم هذا العالم القلق والمضطرب يكتسي تمتين العلاقات بين البلدان العربية وجمهورية الصين الشعبية اهمية خاصة بالنظر لما يجمع بين الجانبين من روءى متطابقة بشان القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وبشان قضايا السلام والالتزام بالحوار كالية مثلى لمعالجة التوترات والصراعات موءكدا سعي العالم العربي الى الافادة من تجربة الصين الناجحة في مسيرة التنمية والاصلاح والتحديث. وفي هذا الاطار اشار السيد عبد الروءوف الباسطي ان تونس عملت منذ التغيير على اشاعة ثقافة الحوار والتسامح حيث كان للرئيس زين العابدين بن علي عديد المبادرات في مجال تنشيط الحوار بين الحضارات ومد جسور التكامل والتضامن بين الشعوب والثقافات ونبذ ثقافة التطرف والتعصب والتسلط والعنف على غرار اقرار عهد قرطاج للتسامح والدعوة الى عقد قمة عالمية حول مجتمع المعلومات استضافت تونس مرحلتها الثانية واحداث كرسي بن علي لحوار الحضارات والاديان. واعلن الوزير ان تونس تستعد في اطار الاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الاسلامية لاحتضان مؤتمر دولي كبير حول حوار الحضارات والتنوع الثقافي . وقال انه في سياق سعي تونس الدؤوب الى تعزيز العمل العربي المشترك واثرائه يندرج تنظيم الدورة الثالثة لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية مشيرا الى ان الوزارة حرصت على عقد هذه الندوة في بيت الحكمة اعتبارا لما تمثله هذه المؤسسة الثقافية المرجعية في منظومة العمل الثقافي الوطني ولاهمية دور هذا المجمع في تطوير المعارف وتنشيط حركة المثاقفة. كما ابرز حرص الوزارة والامانة العامة لجامعة الدول العربية والشركاء في جمهورية الصين الشعبيةعلى جعل هذه الندوة بمحاورها الثلاثة”الصين في الثقافة العربية والعرب في الثقافة الصينية” و”القيم الانسانية والطبيعة في الثقافتين العربية والصينية” و”العلم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة... “التعاون الصيني العربي” مناسبة لمزيد تعميق البحث في سبل تحقيق المزيد من التعارف بين الحضارتين ومزيد استكشاف الخصائص التي تميز الثقافتين واستشراف افاق تطوير التعاون بين الحضارتين. ومن جهته اكد السيد الشاذلي النفاتي ان تنظيم هذه الندوة يتنزل بالنسبة الى الامانة العامة لجامعة الدول العربية في سياق استرتيجي انخرطت فيه منذ سنوات من اجل اقامة جسور الحوار والتبادل والتفاعل بين الثقافة العربية وثقافات العالم الاخرى والاسهام في تعزيز السلم في العالم والتقارب بين الشعوب مبرزا انه من هذا المنطلق تم منذ سنة 2004 بعث منتدى التعاون العربي الصيني تلبية لرغبة مشتركة في الارتقاء بهذا التعاون الى مستوى طموحات الطرفين العربي والصيني على حد السواء. وافاد ان جامعة الدول العربية تتطلع الى شراكة استراتيجية حقيقية مع جمهورية الصين الشعبية ترتكز على جملة من المبادىء المتفق عليها والتي من بينها السعي الى تحقيق السلام والامن الدوليين والتاكيد على الالتزام بمبدا الحل السلمي للنزاعات الدولية ونبذ العنف والتطرف مهما كان واحترام الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب على تنوعها علما بان البلدان العربية اصبحت ثامن اكبر شريك تجارى للصين. ومن جانبه اكد السيد باى ليتشن متانة العلاقة التي تربط الشعب الصيني ببقية الشعوب العربية والقائمة على الاحترام والتفاهم والداعية الى انتهاج مسالك الحوار والانفتاح على الاخر وتعزيز التواصل بين مختلف الشعوب ولاسيما منها العربية. واضاف ان هذه الندوة ستكون امتدادا لما توصلت اليه الندوتان السابقتان من نتائج مهمة عكست حرص الطرفين على تعزيز اواصر التحاور والتشاور والتعاون بين الحضارتين مما يجعلهما اقدر على مواجهة التحديات الناتجة عن العولمة. يذكر انه تم على هامش الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية تدشين معرض بفضاء بيت الحكمة يحتوى على 149 عنوانا من الكتب العربية المترجمة الى اللغة الصينية والمنشورة في الصين في طبعات جديدة. كما زار المشاركون في الندوة “معرض كنوز الصين”وهو معرض تراثي صيني ضخم يحتضنه متحف قرطاج من 8 ماى الى غاية 8 اوت 2009 .