أخبار تونس تعيش تونس هذه الأيام على وقع حركية كبيرة في النشاط السياسي و ذلك لاستعدادها لخوض الانتخابات الرئاسية و التشريعية في 25 أكتوبر و الذي سيمثل يوما هاما في حياة التونسي باعتباره سيرسم ملامح مسار التنمية في البلاد في ظل الخماسية القادمة و التي تنطلق من هذه السنة 2009 إلى غاية 2014. و لقد مثل خطاب الرئيس زين العابدين بن علي و رئيس حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب التغيير في ظل العشريتين الهامتين من الإصلاح و التطوير و الحداثة، خطابا مرجعيا و تاريخيا. إذ يعتبر خطاب يوم الأحد 11 أكتوبر بقاعة 7 نوفمبر برادس لقاءا هاما جدد فيه الرئيس زين العابدين بن علي الموعد مع الكفاح و النضال مع الشعب في سبيل الوطن و نمائه و رفع رايته بين البلدان. و كان الخطاب الذي افتتح به رئيس الدولة الحملة الانتخابية الرئاسية و التشريعية مناسبة بين فيها مختلف البرامج الوطنية التي وضعها على أجندا العمل و جعلها من أولويات مشاغله في رسم مقاربة مسار التنمية للمرحلة القادمة. ولقد رفعت هذه النظرة الإستشرافية الستار عن أهم البرامج التنموية و الإصلاحية الهادفة و الهامة و التي من شأنها أن تعزز ما تحقق لتونس منذ سنة التحول/1987 محليا و دوليا. و بدت النظرة الإستشرافية لسيادته ذات بعد شمولي منفتح على مختلف المجالات من سياسة و اقتصاد و تكنولوجيا و مجتمع و معرفة و ثقافة... و لقد مثلت البيئة و أمنها إحدى أبرز الأهداف الطموحة ضمن تحديات الفترة القادمة. و تأتي هذه النظرة ضمن تصور يكرس رؤية متبصرة و حكيمة لأولويات المستقبل في تحديد نماء الدول و تقدمها. و ذلك برصد و تحليل مختلف التفاعلات بين البيئة و التنمية المستديمة. في هذا الإطار ذكر سيادته بأن تونس أبرزت قدرة كبيرة على الصمود أمام مختلف الصعوبات التي مرت بها البلاد في الفترات السابقة من ذلك ارتفاع أسعار المحروقات و المواد الأساسية و تداعيات الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية...و هي حريصة اليوم على تحقيق أمنها البيئي و على التصدي لكل التغيرات المناخية و ما يمكن أن ينجم عنها من تقلبات. و أعلن سيادته و من ضمن الأهداف النوعية التي رسمها عن دور ” اقتصاد بيئي” في تحقيق التنمية شأنه شأن استعمال العلوم و التقنيات المستحدثة و البحث العلمي... و لقد أشار إلى أن التنمية تمثل أبرز التحديات باعتبارها تدفع بقوة مسار التطور في مختلف المجالات الحيوية و هي أيضا تمثل ثروة هامة للأجيال القادمة. في هذا الإطار عرج خطاب رئيس الدولة على أهمية البيئة و المرتبطة بإستراتيجية كاملة سيسعى إلى تنفيذها في السنوات القادمة. ومن بين النقاط الواردة ببرنامجه الانتخابي 2009 لغاية حماية البيئة نذكر مثلا التشجيع على استعمال الطاقات البديلة والمتجددة كما هو معمول به في عدة بلدان متقدمة. كما نوه سيادته بأهمية الوعي بترشيد استهلاك المياه وحفظ ثرواتنا المائية و ضرورة التحكم في تقنيات تحلية المياه. هذا الرهان لا يمكن فصله عن القطاع الفلاحي و التحولات المناخية التي يعيشها العالم. إذ أشار في هذا السياق قائلا: “لقد أصبح من الضروري لرفع تحديات المستقبل أن ندرج قطاع الفلاحة والتحولات المناخية ضمن رؤية إستراتيجية نراعي من خلالها الأهداف الحيوية لبرامجنا التنموية و نحكم فيها توظيف كل مؤهلات بلادنا الطبيعية”. كما أعلن في هذا الصدد ضرورة القيم بدراسات استشرافية لقطاع المياه حتى أفق 2050. و هذه الدراسة سيتم إنجازها قبل موفى 2014. كما أنه سيتم الحرص على تعبئة الموارد المائية لتصل نسبتها إلى 95 بالمائة. كما أكد في كلمته على ضرورة حماية البيئة و ذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات الرائدة و المقاربات الحديثة للسياسات البيئية و حماية الثروات الطبيعية. و إنجاز هذه المقاربات الحديثة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التطور الحاصل في الوعي المحلي و العالمي بالبعد المصيري للمسألة بالنسبة للبشرية جمعاء وبالنسبة إلى مستقبل الحياة على كوكب الأرض. من هذا المنطلق أكد حرصه على التشبث بمقاربة الأمن البيئي التي تحقق التنمية من جهة و جودة الحياة من جهة أخرى. كما تجلى عزم سيادته في الخماسية القادمة على وضع “خريطة متطورة للبيئة” تعتمد مفهوم الإقليم البيئي. إذ سيتم الجمع بين المناطق التي تتشابه في الخصوصيات و تتطلب العناية بها نفس الإجراءات في شكل أقاليم بيئية. كما سيتم أيضا إحداث مرصد لكل إقليم من هذه الأقاليم. هذا فضلا عن إعداد خطط و برامج هادفة قصد العناية بمختلف الأقاليم البيئية. و من المنتظر أيضا أن يتم اعتماد منظومات الجغرافيا الرقمية لاحتساب مؤشرات التنمية. كما تمت الإشارة إلى أن الحرص على أن تكون المؤسسات الاقتصادية في تونس صديقة للبيئة سيتدعم أكثر و من هذا التصور كان الحرص على أن تبلغ المؤسسات المتحصلة على شهادة المواصفات البيئية العالمية 500مؤسسة سنة 2014. و يعتبر هذا الرهان الأخير من أبرز الرهانات التي تكرس مبدأ حماية البيئة و أمنها. و قد ورد في خطاب سيادته “إن مقومات بناء الاقتصاد الجديد، أن يكون رفيع المحتوى التكنولوجي مجددا للطاقة و صديقا للبيئة. و إننا نريد في هذا المجال، أن تكون مؤسساتنا الاقتصادية قادرة على التجديد، متفتحة على الابتكار، معتمدة على أنماط الإنتاج النظيفة التي تسهم في الحفاظ على سلامة المحيط و تحترم المعايير البيئية و تقتصد في استهلاك الطاقة و تستخدم الطاقات البديلة و المتجددة”. و لأن التلوث يعتبر من أهم المخاطر الكبرى التي تهدد سلامة البيئة و أمنها، فإنه تم الإعلان عن تعزيز الأمن البيئي بإقرار” إجبارية التشخيص البيئي بالنسبة إلى المؤسسات الصناعية الأكثر تلوثيا”. كما ستعرف الخماسية القادمة و في إطار حماية البيئة و تحقيق التنمية المستديمة تطورا كبيرا في مجال التشريعات. من ذلك مثلا إصدار ” مجلة البيئة” التي ستتولى رصد كل ما تم القيام به في مجال حماية البيئة وذلك منذ سنة 1989 تاريخ صدور أول قانون إطاري لحماية البيئة في تونس، و ستتولى أيضا مواكبة آخر المستجدات في هذا المجال. لم يغب موضوع التصدي للكوارث الطبيعية في تونس عن أجندا العمل و بين رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي أنه سيتم الترفيع في القدرات الوطنية للحد من خطورة هذه الكوارث و الحد من تبعاتها. كما أن هذا المجهود سيتعزز بحماية الشريط الساحلي من الانجراف البحري، هذا فضلا عن مقاومة التصحر و غيرها من الظواهر المرتبطة بالحياة البيئية الطبيعية.