أخبار تونس – أصدر الخطاط التونسي عمر الجمني كتابا جديدا بعنوان “لحن الكائنات” لحساب “دار نيرفانا” لصاحبها الناشر حافظ بوجميل ويعد الكتاب لقاء بين فنين، فن الشعر وفن الخط العربي. ويتألف الكتاب الذي يبلغ عدد صفحاته 160 صفحة من الورق الصقيل في طبعة فاخرة وملونة من 47 لوحة تشكيلية مستوحاة من قصائد “شاعر الحياة” أبو القاسم الشابي. وإضافة إلى الرسوم الحروفية calligraphique ، جاء الكتاب ثلاثي اللغة حيث تضمن بعض قصائد الشابي باللغة العربية مصحوبة بترجمات النصوص إلى اللغة الفرنسية قام بها سمير المرزوقي وعامر غديرة بينما قام بترجمة نصوص الشابي إلى اللغة الانقليزية برناديت رينولدز. وقدم الكتاب أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والفنون الإنسانيات بمنوبة الدكتور مبروك المناعي، مشيرا إلى أن الشابي “كتب روائع شعره في غفلة من الموت وبتحريض من الأمل الذي يغري النفس أو يوهمها بأن المرض مجرّد كابوس وإنّ شعره ليوهم الأصّحاء بأن المرض من شروط الابداع ويوهم طوال العمر بأنّ قصر الحياة من شروط التميّز الفني..”. وعمر الجمني خطاط ومصمم غرافيكي بصحيفة البيان التونسية متحصل على شهادة الكفاءة المهنية في التصميم والإشهار، حاز على عدة جوائز مثل: الجائزة الأولى في مهرجان المغرب العربي الأول للخط العربي والزخرفة الإسلامية المقام في الرباط وميدالية الدورة الثانية لبينالي الشارقة للفنون التشكيلية 1995 والجائزة الأولى في أيام الخط العربي تونس عاصمة الثقافة العربية 1997 والجائزة التقديرية للجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي IRCICA سنة 1998 والجائزة الأولى في مهرجان الجزائر الدولي الثاني للخط العربي المعاصر 2009. وفي سجل الخطاط عمر الجمني عدة عروض بتونس وخارجها من 1988الى 2009 حيث تجولت أعماله التشكيلية في عدة مدن عربية وغربية مثل: الجزائروالرباط وبغداد والكويت وطهران وباريس وسترازبورغ وأوزاكا وكوبي... كما أنجز العديد من الأعمال الفنية والتصميمات الغرافيكية والأعمال السمعية البصرية وأنجز جداريات بعدة عمائر دينية بتونس مثل: الجامع الكبير ببني خلاد وجامع الصفاء بحمام الشط وجامع أبي هريرة بحمام الأنف. وتولى الخطاط عمر الجمني تدريس فنون الخط لمدة 3 سنوات في المركز الوطني للخط العربي بسيدي شيحة الحلفاوين. واستلهم عمر الجمني من قصائد الشابي عدة عناصر تشكيلية خاصة خلال ثنائية الضياء والظلمة واحتفاء الشاعر بالصراع المرير بين الحياة والموت وندائه المستميت للتحرر من نير العبودية والاستعمار وتعلقه بسحر الوجود وفتنة الطبيعة. وكانت رسومات عمر الجمني وتصميماته وتعرجات حروفه مجسدة لروح الشابي الطليقة وانفلات صوته المدوي في البرية وتعلقه الدائم بمبدأ “الحب شعلة سلام هبطت من السماء”... فتشكلت الحروف مثل ألسنة اللهب على الورق باستعمال القصب والحبر لذلك كانت الألوان الغالبة على اللوحات هي الأحمر القاني الموحي بالانبعاث والتوّهج واللون الأخضر الذي يرمز إلى نظارة الأشياء وغضاضتها وإلى الحب المقدس... واعتمد عمر الجمني في تصميماته في كتاب “لحن الكلمات” على تقنيات مختلفة ساعيا قدر الإمكان إلى التقيد بالطريقة التقليدية لمزج الصمغ العربي كما وردت في تدوينات “ابن مقلة” التي تعود إلى العصر العباسي حوالي ق 3 هجري مع إدخال بعض التقنيات والبرمجيات الرقمية الحديثة المتداولة في الانفوغرافيا وفنون السحب والطباعة.. وفي حديث خاص ب”أخبار تونس” قال الخطاط عمر الجمني إن كتابه “لحن الكلمات” هو ترجمة خطية لأشعار أبو القاسم الشابي ولمشاعر الشابي .. أراد من خلالها تقديم مجموعة من التصميمات ذات ألوان متعددة عبر خطوط وأساليب تعكس محتوى القصيدة... كما سعى خلال هذا العمل الحروفي الذي أراده أن يكون مساهمة منه في الاحتفال بمائوية الشابي إلى إبراز جمالية الخط المغربي محاولا إعطائه القيمة التي يستحقها ضمن بقية الخطوط الأخرى لا سيما أمام هيمنة الخطوط المشرقية...