يعتزم عشرات العراقيين من ضحايا التعذيب الأمريكي في معتقلات الاحتلال الأمريكي وخاصة سجن أبو غريب مقاضاة شركتين أمريكيتين ساهم موظفوها بعمليات التعذيب في العراق في جلسات التحقيق التي جرت لهم. وعلم مراسلنا أن المحامي الأمريكي من أصل لبناني راضي حمود سوف يتولى رفع القضية أمام المحاكم الأمريكية ضد شركتي تايتن التي تتخذ من سان دييغو بولاية كاليفورنيا مقرا لها وتقدم خدمات الترجمة والاتصال لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق، وتبلغ مبيعاتها السنوية ملياري دولار، وشركة «سي إي سي آي»CACI (كاسي) الدولية التي تتخذ من أرلينغتون القريبة من العاصمة واشنطن مقرا لها وتقدم خدمات أمنية لقوات ومؤسسات الاحتلال الأمريكي وتضم مرتزقة عسكريين. وتتضمن مطالب رافعي القضية من العراقيين إلزام الشركتين على دفع تعويضات لا تقل عن 60 مليون دولار. وعزت مصادر أمريكية مطلعة على القضية اقتصار الدعوى على الشركتين الأمريكيتين دون رفعها على الحكومة الأمريكية إلا أن القضية ستكون أسهل ضد من هم خارج الحكومة، ولكن سيتم إدراج المسؤولين الأمريكيين وخاصة من وردت أسماؤهم في التحقيقات كشهود في المحكمة. وقد سارعت شركة كاسي إلى الرد على الاتهامات الموجهة لها بالقول في بيان أصدرته يوم الأحد أن محققيها قد جرى فحصهم بدقة وعملوا تحت إشراف الجيش الأمريكي في مراكز الاعتقال في العراق. وقد ورد اسم موظفها ستيفن ستيفانوويتش كواحد من أربعة رجال متورطين في قضايا التعذيب في سجن ابو غريب في تقرير وضعه الجنرال أنطونيو تاغوبا حول انتهاكات حقوق الأسرى العراقيين. وقال تقرير تاغوبا أن هؤلاء الأربعة «كانوا مسؤولين إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة» عن تلك الانتهاكات. وقالت الشركة في بيانها أن محققيها لديهم تراخيص سرية تطلبت تحقيقات في خلفياتهم كما أن عمالها اطلعوا على القوانين العسكرية في حالة الحرب. لكن البيان لم يحدد هذه القوانين. وقال البيان أن الجيش الأمريكي «أملى كيفية وجوب عمل الشركة في العراق والمواصفات المطلوبة للمحققين وغيرهم من الاختصاصيين» مع قوات الاحتلال. وقد لجأت الشركة إلى مؤسسة محاماة لإجراء تحقيقات خاصة بها حول الاتهامات الموجهة لها. وقالت أنها تتعاون مع التحقيق الذي يجريه الجيش الأمريكي بشأن الانتهاكات. وأيد بيان الشركة أيضا ما أدلى به وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم الجمعة بأن ما أسماهم «المقاولين المدنيين مسؤولين أمام المخابرات العسكرية التي تستأجرهم وأنها تتحمل المسؤولية في الإشراف عليهم.» وكان تقرير الجنرال تاغوبا الذي هاجم ضباط المخابرات العسكرية الأمريكية ومرتزقة شركات الأمن الخاصة الأمريكية بأقسى العبارات قد ألقى اللوم على كثير من الانتهاكات على أفراد سرية الشرطة العسكرية رقم 372 التي هي جزء من كتيبة الشرطة العسكرية 320 والتي تقدم تقاريرها بصورة اعتيادية إلى العميد جايس كاربينسكي التي أشرفت على ضباط الشرطة العسكرية في معتقل أبو غريب، ولكن الكتيبة 320 قدمت تقاريرها بدلا من ذلك إلى كتيبة المخابرات العسكرية الأمريكية 205 الخاضعة لقيادة العقيد نوفاسي باباس (أحد الأربعة المسؤولين بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن التعذيب في سجن أبو غريب) الذي أوصى تاغوبا في تقريره بأن يتم تأنيبه بشدة ورسميا وتلقي عقوبة، كما أوصى بإعفاء العقيد ستيفن جوردان، المدير السابق لمركز التحقيق المشترك وأخذ المعلومات من عمله ويوجه إليه تأنيب رسمي شديد. كما حث تاغوبا على طرد ستيفانوويتش من شركة كاسي ومن عمله في الجيش الأمريكي ويوجه إليه تأنيب شديد وحرمانه من تصريحه الأمني لكذبه على فريق التحقيق وسماحه أو توجيه الأمر لرجل شرطة عسكرية «لم يكن قد تدرب على تكتيك التحقيق «لتسهيل عمليات التحقيق بوضع شروط» لم تكن مقرة ولا هي متفقة مع تعليمات الجيش الأمريكي. كما أوصى التقرير أيضا باتخاذ إجراءات تأديب ضد موظف آخر في شركة كاسي هو جون إسرائيل. وقال تقرير تاغوبا أن الترتيبات الخاصة بأن تقوم وحدات الشرطة العسكرية بتقديم تقاريرها الى قادة المخابرات العسكرية «لم يكن سليما من الناحية المبدئية العسكرية بالنظر للمهمات المختلفة والبرامج المكلفة بها هؤلاء المتخصصين. وقد أعلن رئيس الشركة جي بي لندن أن شركته تواصل تأييد مهمة الجيش الأمريكي في العراق وفي العالم كما أنها لم تلق أي معلومات لوقف عملها. أما شركة تيتان التي تضم 12 ألف موظف فقد أعلنت أنها تؤيد بالكامل مهمة الولاياتالمتحدة وقواتها العسكرية في العراق. وذكر رئيسها جين راي في بيان له حول دور الشركة في العراق أنه «العمل كمترجمين وسطاء للجيش الأمريكي، وأن عقد الشركة هو من أجل المتخصصين في اللغات وليس من أجل محققين. وأنه لأسباب أمنية وأخرى تتعلق بالسلامة فإننا لا نبحث في الوظائف الفردية والعمليات العسكرية أو أماكن العمل.» غير أن مصادر مطلعة أكدت أن بعض «مترجمي» الشركة العاملين مع قوات الاحتلال الأمريكي شاركوا المحققين الأمريكيين في انتهاكات حقوق الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب وأن هناك أسماء محددة في هذا المجال.