أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الشركات الأهلية : الإنطلاق في تكوين لجان جهوية    التشكيلة المنتظرة لكلاسيكو النجم الساحلي و النادي الإفريقي    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    انقطاع التيار الكهربائي بعدد من مناطق سيدي بوزيد والمنستير    كيف سيكون طقس اليوم ؟    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    ''ربع سكان العالم'' يعانون من فقر الدم وتبعاته الخطيرة    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    اليوم..توقف وقتي لخدمات الوكالة الفنية للنقل البري عن بُعد    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرزوقي للقبس الكوتية : أطياف المعارضة، أدعوهم إلى العشاء، فيأتون ليأكلوا ثم يخرجون ليسبونني
نشر في الشروق يوم 25 - 03 - 2014

الربيع العربي ما زال في بداياته وقد يستمر لعشرات السنين.
النخبة تبحث عن الحريات، وبقية الشعب همهم لقمة العيش
في حوار مع القبس اعتبر المرزوقي أن الشعوب العربية لم تعد تحتمل الفساد والحكم الفردي وغياب الحريات والديموقراطية ، وأن الربيع العربي ما زال في بداياته وقد يستمر لعشرات السنين.
وفي يلي نص اللقاء:
- كيف ترى الربيع العربي حاليا؟
يجب أن نبحث عن الأسباب التي جعلت الربيع العربي يتمدد. ومن الطبيعي أن الشعوب لم تعد تتحمل الفساد وغياب الحريات والحكم الشخصي والفردي، كما أنها مطلعة على آخر ما وصلت إليه الشعوب الأخرى من الحريات والديموقراطية، والآن الخيار لكل الدول العربية هو الإصلاح، واختارت الثورات مع كل ما تحمله من مخاطر.
ونحن في تونس نادينا بالإصلاحات الجذرية منذ التسعينات، وكنا نطالب بالحريات، ولكن عدم استجابة الحكام، وعدم فهمهم لطبيعة العصر والمرحلة، وبقاءهم على النماذج الفكرية القديمة نفسها. وبالنسبة لي فإن الربيع العربي ما زال في بداياته، وربما يستمر لعشرات السنين وربما لقرن.
- بأي ثورة تشبه الربيع العربي؟
كأي ثورة طبعاً، تبدأ وربما لا تنتهي بسرعة، ومثال على ذلك الثورة الفرنسية، التي بدأت عام 1789 وجاءت ثورتان مضادتان لها وقامت الإمبراطورية ثم سرقت ولم تصل لنتائجها إلا بعد عام 1870، أي بعد قرابة قرن، وكل الثورات تبدأ بطيئة ولكن الثورة الفرنسية بدأت ثم لحقتها ثورات أخرى.
ولم يتوقف المسلسل، ولذلك فإن ما نشاهده في «الربيع العربي» هو بداية.
- ماذا أصاب «الربيع العربي»؟
أصابه أولاً ان الأوضاع مختلفة، وأنا أقول انه أخذ طريقه، وتكلفته ليست باهظة، و300 شهيد في تونس، والآن توصلنا إلى صيغة توافقية، والطبقة السياسية في تونس مختلفة، ربما لأنها أكثر حكمة، والرسالة التي نقلها «الربيع العربي» هي أن الشعوب عندما تبدأ لن ترجع إلى الوراء، وهي أشبه بالنهر، والأوضاع في تونس سهلة وتتقدم وربما في بلدان أخرى تتعثر، وفي اللحظة التي انطلق فيها السيل الجارف للربيع العربي لن يتوقف.
-هل تعتقد أن بعض الدول سُرقت منها ثوراتها؟
لا أقول إنها سُرقت، ولكن عندما تقوم ثورات، فمن الطبيعي ان تقوم ثورات مضادة لها، وكل ثورة لها ثمن، ومن يدفعون الثمن ليسوا هم من يجنون الثمار للأسف!
وأحيانا القطة تأكل أولادها، وهذه القوانين موجودة في كل ثورات العالم، وما نشاهده الآن في ثورات العالم العربي شيء طبيعي، فتوجد أماكن للربيع العربي سهلة نسبيا، وتصل إلى النتيجة بسرعة، وفي أماكن أخرى تقوم ثورات مضادة، وتتعثر في مراحل معينة، ومستحيل ان يرجع النهر إلى الوراء عندما يمشى، وأنا لدي قناعة بانه مهما كانت الثورات المضادة شرسة فإنها لن تكسر عزيمة «الربيع العربي"
- حكم الإعدام في تونس مجمّد أو ملغى، بينما في مصر نرى أحكاماً بإعدام المئات، كما حصل أمس؟
-أنا لا أحكم على ما يجري في مصر، ولكن عندما وصلت إلى قصر قرطاج وجدت أحكاما بالإعدام بحق 240 شخصا متروكين منذ سنوات بين الحياة والموت، وبجرة قلم مني حولت الحكم إلى المؤبد.
كما أنني من أنصار إلغاء عقوبة الإعدام، على الرغم من كل الخلافات مع أصدقائي الإسلاميين المتشددين، واستشهد بالآية الكريمة «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً»، والقرآن نبّه على قتل شخص، فانتبهوا أنكم إذا قتلتم نفساً أعدمتم الشعوب الإنسانية جمعاء، وهذا هو مسارنا في تونس.
- هل لأنك ناشط حقوقي، فأنت ضد الإعدام؟
والله أنا بدوي، وشربت القيم البدوية من جدي الفقير، الذي غرس فيّ قيمي التي أرتكز عليها اليوم، ومن ثم جاءت أشياء أخرى، كاحترام الناس والذات، وهذه القيم لم أتعلمها في باريس، نعم أنا حقوقي وطبيب، وكل هذا بطبيعة الحال هيكل عقلي.
- هل تعتقد أن قرب تونس من أوروبا ساهم في نجاح الثورة واستمراريتها، لأن هناك شيئاً مخفياً في ثورتكم؟
أنا أقول لك ما هو المخفي في الثورة التونسية «الله يرحم الدكتاتور» لأنه هو الذي وحّد التونسيين، ففي التسعينات بدأ الدكتاتور بتصفية الإسلاميين، ثم النقابيين والصحافيين واليسار وكل الناس، وهذا جعل الناس يتوحدون في عمل مشترك، من اجل اعادة الديموقراطية، والناس تعلموا الحوار، بعضهم مع بعض، وعندما كنت في المنفى في باريس جمعت كل أطياف المعارضة، ومنهم الإسلاميون، وقلت لهم الآن قضيتنا واحدة، وهي القضاء على النظام الاستبدادي، ويجب أن نستبدل به نظاماً ديموقراطياً يحمينا، بعضنا من بعض. وفي عام 2003 بدأت الحوار فعليا، وهذه الحوارات وصلت الى مسار في 2005 وصارت مجموعة 18 أكتوبر، بالإضافة إلى كل ذلك كان هناك عمل فكري والشيخ راشد الغنوشي أخذ جانبا آخر من ناحيتي كمفكر علماني.. والشيخ راشد الغنوشي كمفكر إسلامي، وبالمناسبة نحن أصدقاء منذ 30 عاما، وبدأنا عملا مشتركا، وفكرنا كيف نضع جسرا لهذه الهوة، وآمنا بأن الخلاف يجب ألا يكون بين الإسلاميين والعلمانيين، ولكن بين الديموقراطية واللاديموقراطية، لأنه ربما تجد في الديموقراطيين من عنده مرجعية إسلامية. وتعرضنا للقمع المشترك ساهم في خلق حوار فيما بيننا، كما ساهم في تأسيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وهي مدرسة لعبت دورا كبيرا، لأنه هو المكان الوحيد الذي كان يجمع كل الأفكار، وكلها على خط واحد وهو الدفاع عن الإنسان. وكل تلك الظروف شكلت الثورة التونسية وجعلت الشعب وفي أحلك الظروف يضحك بعضه مع بعض.
- كيف ترى عدم احتكام الليبراليين إلى الصندوق امام اغلبية الإسلاميين ولجوئهم إلى الحوار الذي نجح؟
- طبعا لأنه عندما صارت الانتخابات لم يعترض أحد أو يشكك في نزاهتها، الجميع قبل بالانتخابات ونتائجها، والحكومة شكلت من البرلمان وانا انتخبت من البرلمان كذلك، وهذه تعلمناها في الرابطة تحت القمع، وعندما دخلت القصر في العاشرة صباحا استقبلت عند الثانية ظهرا أحزاب المعارضة، ونحن خطابنا واضح، مللنا من الحزب الواحد، ونحن شركاء في بناء البلد، وإن لم نتفق فلنتحاور، وبابي مفتوح لجميع الأحزاب، باستثناء الإرهابيين.
أنا ليس أمامي خيار ثالث، إما الحوار واما العودة إلى الاستبداد، ولن نعود إلى الوراء أبداً، وتحت أي ثمن.
- هل أنتم راضون عما وصلت إليه تونس اليوم؟
طبعاً، أنا راض وفخور، مقارنة بما نراه في ثورات «الربيع العربي»، فقد وفرنا على بلادنا وشعبنا الكثير من العنف، وفي آخر المطاف وبعد نقاشات مطولة استطعنا إقرار دستورنا، ومن خلال المجلس التأسيسي، الذي يضم كل أطياف الشعب وتوجهاته. وقد أشركنا في الدستور كل حساسيات المجتمع المدني.
ومن ثم وصلنا إلى دستور توافقي، وتأكدوا أنني لم أصدق عيني عندما رأيت أن الدستور حصل على 200 صوت من أصل 217، ورأيت أناساً يتعانقون، وهم من تيارات مختلفة، وهذا نجاح كبير.
- كيف تقيم الوضع الاقتصادي والاستثماري في تونس؟ ألم يؤثر الربيع العربي فيه، إذ إن الاهتمام انصب على السياسة، وهناك إهمال للجانب الاقتصادي؟
نحن لم نتجاهل الشق الاقتصادي، وهو ما أدى إلى نشوب ثورات عربية.
● هذا لا يعني أن الحريات هي الأساس في الثورات؟
الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي كان غبياً، لأن المجتمع مكون من نخبة وشعب، فالنخبة تبحث عن الحريات، وبقية الشعب همهم لقمة العيش، فالفساد ضرب لقمة العيش، وكذلك الحريات. وبالتالي لفظ بن علي.
إذاً، الحريات والاقتصاد مربوطة، بعضها ببعض، فالسياسة والاقتصاد متلازمان، وإذا أردنا عودة الاقتصاد إلى تونس يجب أن يعم الاستقرار الأمني أولا، وهذا الاستقرار لا يتم إلا عبر الوفاق السياسي.
ففي الفترة الماضية كان جُل اهتمامنا بالوضع السياسي والأمني، لأنه من دون توافق سياسي أو دستور وقوانين، لا نستطيع أن ننجز أي شيء، ونحن لم نبن. أساسا للحريات فقط، بل أيضا أساسا للاستثمار.
والدستور بالنسبة الينا هو أهم شيء، وبعد 8 أشهر ستشهد الانتخابات لتكتمل أركان الديموقراطية. كما أننا بصدد العمل على تقييد جملة قوانين كانت معطلة للاستثمار ومحرضة على الفساد.
وبعد الانتخابات، سنقوم بفلترة القوانين المعطلة، وقد حاولنا التخلص من الفساد رغم انه ضارب بجذوره في البلاد، ونحن بحاجة لسنوات قبل القضاء عليه. ومن ثم تبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران والاستثمار يعود، وتعود السياحة إلى بلادنا.
- وماذا عن مصير السياحة في تونس في ظل تنامي الإسلاميين؟
حسب علمي ان حزب النهضة حكم عامين ولم يمنع أي شيء يتعلق بالسياحة وبطبيعة الحال لدينا ارهابيون ومتطرفون، ولعبوا دورا سيئا ضد السياحة من خلال سلسلة اعتداءات على السياح، ولكن في آخر المطاف السياحة بخير ولم تتأثر.
- هناك من يرى تعاونا بين أهداف وعقائد التيار الإسلامي في تونس، وفي دول أخرى، فهل لقربكم من أوروبا تأثير في التيار الإسلامي لديكم؟
أولا نحن عرب مسلمون وفق المذهب المالكي، وهو غير متعصب، ونحن شعب غير عنيف بطبيعته. ولدينا مفكرون مثل طه عاشور وطاهر حداد، والنساء تراهن سافرات ويدخلن المساجد، وتحرر المرأة في بلادنا نبع من داخل تونس، وليس فكرة غربية.
أنا أفضل أن تقسم أراضي الاستعمار على صغار الفلاحين، خاصة الشباب منهم، وهذا غير مطروح عند الإسلاميين مثلا.
- الا تعتقد أن هذا النوع من الاشتراكية اثبت فشله في كثير من الدول؟
هذا ما يقوله كثير من أصدقائي الإسلاميين، لكن أنا أعتقد أن توزيع الأراضي لشركات، بينما لدينا فلاحون فقراء، فهذا ليس حلا أو عدلا.
- هل أنتم متفائلون بالقمة، في ظل المشاكل القائمة؟
ستسمع خطابي وتكتشف في الوقت نفسه أنه لو لم أكن متفائلا لما جئت، «وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، وبطبيعة الحال، أقول اشتدي يا أزمة تنفرجي، فقوة الأزمة وخطورتها تجعل الإنسان يستجمع قواه ليكون على مستوى التحديات، وستسمعون مني غدا (اليوم) أن وضع الأمة خطير، وصعب ومعقد، وأنا عشت في عام 2010 لحظات من الاحباط واليأس بسبب الدكتاتورية وانهيار المعارضة.
- ما سبب الثورة في تونس؟
الحطب كان متكدسا وجافا واشتعلت الثورة.
- من يرى ثورتكم يعجب بها؟
نحن نفتخر (ضاحكا) وفاجأتني، وأنا قلت في 2006 إن هذا النظام لا يصلح ويجب أن يرحل، فسخروا مني وقررت العودة من باريس إلى تونس، لأنني لا أستطيع الدعوة الى الثورة، بينما أنا في باريس، وعند العودة حوصرت وهوجمت وأجبروني على الإقامة الجبرية لشهرين، ثم عدت الى باريس وأصبت بالإحباط. ولكن بين ليلة وضحاها قامت الثورة، وكنت أعتقد في عام 2006 أنني استطيع تحريك ثورة، وهو نوع من الغرور وتبين لاحقاً أن الشعب، وليس أنا هو من قرر قيام الثورة، فالشعب لم يستجب الا بعد 6 سنوات للثورة.
- كيف ترى الأوضاع في سوريا؟
نأسف.. نأسف، لم أكن أتخيل يوماً أن نصل إلى هذه المرحلة، وما يجري في سوريا رسالة بأن الشعوب العربية ستدمر الانظمة المستبدة، ولو بقي فرد واحد، ورسالة قوية أيضاً من بشار الأسد بأن النظام سيواصل القمع حتى لو تطلب الأمر القضاء على الجميع، بينما الآخرون يردون بالمواجهة حتى آخر رمق، ويبدو أن عملية كسر العظم يجب ان تتوقف بين نظام لا يمكن ان يربح، وثورة لن تتوقف مهما كلف الأمر.
- لماذا لا نرى دورا فعالا للجامعة العربية في هذه الأزمات؟
أحيلكم إلى خطابي و ستسمعون.
- دائما ما نسمع ما يسرنا منكم، أعطنا نبذة عن فحوى الخطاب.
لا والله، لا.
- كيف تشجعون الكويتيين على الاستثمار في تونس؟
نحن حاليا بلد مهيأ للاستقرار، لدينا تكنوقراط تعم كل الأطياف والاتجاهات، ونحضر أرضية للاستثمار، علما بأن الكويت أول بلد استثمر في تونس منذ الستينات، وأهلا وسهلا بكم.
- هل لديكم قوانين تحمى المستثمرين؟
حكومتنا موجودة، وسنعيد النظر في كل الممارسات السابقة، لتسهل على الإخوة الكويتيين الاستثمار لدينا.
وأقول للاخوة الكويتيين إذا أردتم مساندة الثورة فعليكم أن تستثمروا في تونس، ولو من وازع قومي عربي.
ولا بد من تشجيع تونس، التي تحارب الفساد. وأقول للاخوة الكويتيين عليكم دور للاستثمار.
- كيف ترى جهود سمو الأمير في لم الشمل العربي؟
لسمو الأمير دور كبير جدّاً، وهذه هي المرة الرابعة التي أزور فيها الكويت، فالكويت تلعب دوراً مركزياً بالعالم العربي، وليس بالصدفة استضافة كل هذه القمم. وسمو الأمير يحظى باحترام القادة، وهو عميدنا، عميد الزعماء العرب. وأتمنى له الصحة وطول العمر حتى يستطيع أن يحل المشاكل الموجودة في الخليج الآن، لأنه الوحيد القادر على لعب دور الوسيط وإصلاح ذات البين بين الدول الخليجية والعربية، وهو القادر على لعب دور أكبر على الصعيد العربي، وستقوم الكويت بواجبها تجاه هذه الأمة.
- كيف تنظرون الى الديموقراطية الكويتية؟
لديكم ديموقراطية منذ ستينات القرن الماضي، وكنتم بلداً فريداً بديموقراطيته في المنطقة، وبالنسبة الينا لديكم تجارب عريقة خاصة بحرية الصحافة وتجربتها البرلمانية، وبالنسبة الينا نشعر بقرب فكري وروحي مع الكويت، إن صح التعبير، لأنكم أنتم من فتحتم الطريق أمام الديموقراطية في المنطقة.
وقال المرزوقي: في بداية كل شهر في قصر قرطاج اجتمع بكل أطياف المعارضة، أدعوهم إلى العشاء، فيأتون ليأكلوا ثم يخرجون فيسبونني، والاتفاق هو: تعالوا لنتحاور ونتبادل الأفكار، ثم قولوا ما تريدون.و قال ايضا إن محاربة الفقر هي أولوية الأولويات بالنسبة له، وهذا ما لا نجده عند التيارات الإسلامية.
وسئل الرئيس التونسي عما إذا كان يشعر بضيق عندما يتم انتقاده، فقال: طبعاً.. طبعاً من لا يتضايق؟ لكنني أتحمل.
وقال المرزوقي إن زين العابدين بن علي سرق وأسرته 26 مليار دولار، وهي ميزانية الشعب التونسي وغياب الحريات ورقابة البرلمان أدى إلى تسهيل عملية السرقة، ولو بقيت لدينا هذه المبالغ لما احتجنا الى اي دعم خارجي.
وقال ايضا إن النساء في تونس سافرات، ويدخلن المساجد، ويعتبر الشيخ طاهر الحداد بطل النساء في تونس، وهو شيخ زيتوني في الثلاثينات، كتب كتاباً تحت عنوان «امرأتنا في الشريعة والمجتمع»، وهو الكتاب الذي أرسى فكرة تحرر المرأة.
وسئل المرزوقي عن نصيحة للصحافة وأهميتها في هذه المرحلة فأجاب: بالنسبة الينا الديموقراطية من دون حرية صحافة مجرد كلام فارغ.وللحقيقة بعد الثورة شهدنا نوعاً من الانفلات الاعلامي، وكان موقفي أن مواجهة التجاوزات تكون بترك المهنة تنقي نفسها.
ولكن لا سبيل أبداً للاستبداد، لمواجهة التجاوزات الإعلامية، رغم انها حصلت كثيراً وطالتنا، وقد أبلغت الحكومة بالقول إياكم وإياكم أن تمسّوا الصحافة! فالصحافة بعيوبها أفضل بكثير من غيابها. وردّاً على سؤال حول: ما إذا كان في تونس قانون للصحافة فأجاب:
حتى الآن، ما زلنا في طور الحديث عن القوانين المتعلقة بالصحافة، نناقشها مع اهل المهنة، ولدي قناعة بأن اهل مكة أدرى بشعابها، ولنجعل المهنة هي التي تطرد الدخلاء، ورغم كل التجاوزات لم نغلق أي وسيلة إعلامية، وليس لدينا اي سجين رأي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.