لاشيء يدمّر حياة الفتاة ويدمي مشاعرها اكثر من ان يبلغها من اختاره قلبها وبنت معه احلى افلامها انه يعتبرها مجرد صديقة وانه من الذين يرفعون شعار «نعم للتسلية لا للزواج». هذا الشعار يحفظه الكثيرون عن ظهر قلب ويردّدونه على مسامع ضحاياهم بعد ان ينجحوا في التغرير بهن بمعسول الكلام وعبارات الغزل ويظهرون لهن ما يدل على المحبة والغيرة لكن في الحقيقة كل هذه السلوكات يستخدمها الشاب للتغرير بالفتاة وعندما يقع المحظور يهرب ويتركها بحسرات الندم والعذاب ولباس الذل والخذلان ومواجهة نظرة مجتمعية لا ترحم. لكن لنتساءل اولا وقبل كل شيء عن الاسباب التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة؟ وما هي الدوافع الاساسية لمثل هذه السلوكات؟ وقبل الاجابة عن هذه الاسئلة دعونا نستعرض جملة من هذه القصص التي تحدث في الواقع... مآس كثيرة خلفتها علاقات بدأت بالمعاكسة قد تكون عن طريق مكالمة هاتفية عابثة او من شاب يتسكّع في الاسواق او على ارصفة الشوارع يقتفي آثار الآنسات ويغرقهن بمعسول الكلام. منال عمرها لم يتجاوز بعد 27 عاما لكنها تحمل نظرة قاتمة عن الحياة والسبب في ذلك مرورها بتجربة عاطفية فاشلة مازالت تتجرّع مرارتها حتى الآن تقول هذه الآنسة: تعرفت الى شاب يدرس بالجامعة نفسها التي كنت ادرس بها ونشأت بينها علاقة حبّ وكان حبيبي لا يتأخر عن ارضائي وتحقيق كل طلباتي ووقفت انا بدوري معه خاصة بعد ان تخرّج واصبح عاطلا عن العمل كنت امكنه من منحتي الجامعية وامدّه بمصروفه اليومي وكان راضيا اشد الرضا ويردد على مسامعي بأنني فتاة نادرة وانه لا يمكن ان يجد احسن مني زوجة له في المستقبل وبما انني كنت اثق به شديد الثقة استسلمت له وأصبحنا نتعاشر معاشرة الازواج وظلّت علاقتنا على هذه الحالة مدة ثلاث سنوات وبمجرد حصوله على عمل اصبح يتهرب من مقابلتي وعندما حاصرته بالاسئلة اكد لي ان العلاقة بيننا لا تتعدى حدود الصداقة وانه منحني المتعة التي كنت ابحث عنها وبأنه لا يفكر في الزواج حاليا وهكذا افقت على صدمة نفسية كبرى افقدتني الثقة في كل الرجال واصابتني بالاحباط والتعاسة. حكاية وداد لا تختلف عن قصة منال فقد عاشت وداد صحبة شقيقاتها الثلاثة بعد ان انفصل والداها وتقول عشت مع ابي الذي دلّلني كثيرا ولم يبخل عليّ لا بماله ولا بحنانه وتضاعف اهتمامه بي بعد زواج اختيّ. الحقني بأحسن المدارس ولم يعترض على اسلوب حياتي مع زملائي وزميلاتي في المدرسة، نخرج للتنزه معا ونتزاور ونراجع معا ونشأت بيني وبين احد زملائي علاقة حب الا ان هذا الزميل الحبيب تحول الى ذئب «مفترس» بمجرد ان وجد الفرصة سانحة لذلك والمؤلم في الامر انه اعتدى على شرفي بمعية صديقه وكانت المفاجأة التي اذهلتني حين ادعى حبيبي ان ما حدث كان برضاي ورفض الاقتران بي وضاع مستقبلي وفقدت احترام اسرتي. أسباب متعددة هذه الظاهرة (نعم للتسلية لا للزواج) وان استفحلت في مجتمعنا الراهن لم تكن نابعة من فراغ وانما كانت نتاج تحول في السلوك وغياب لبعض القيم الاجتماعية. وترى ايمان ان البنات والشبان على حد السواء ساهموا بقسط وافر في استفحال ظاهرة العبث بمشاعر البنات والتهرّب من الارتباط. فالفتاة اصبحت اكثر تساهلا مع الشاب والشاب اصبح لا يعير القيم الاجتماعية اية اعتبارات ولكن الخاسر في النهاية تكون الفتاة نظرا لرهافة حسها ورقة مشاعرها. وتشاطر ذكرى داودي هذا الرأي وتضيف ان تلهف الفتاة على الزواج يجعلها تنساق وراء ربط علاقات عاطفية دوران تتحرى عن الطرف المقابل هذا التسرع يجرّها الى الندم عندما تكتشف ان هذا الشخص لا ينوي الزواج وانما هدفه التسلية والمتعة لا غير. كيف نحدّ من الظاهرة؟ ترى ضحى ان المظاهر عادة ما تخدع الفتاة وتجعلها عرضة للتلاعب وان الحظ السيء عادة ما يكون وراء خوض الفتاة لمغامرة عاطفية مبنية على الكذب والخداع من قبل الشاب لان نسبة هامة من الشبان اصبح شعارهم في الحياة اللهو والمتعة والتلاعب بمشاعر الفتيات وهذا الامر يمكن ان نؤاخذ عليه الفتاة لأنها اصبحت سهلة ومتحررة اكثر من اللازم مما شجع الرجل في المضي قدما في هذا المنهج اللاأخلاقي ازاء الفتيات وللحد من الظاهرة ترى الآنسة ضحى انه على الوالدين الاعتناء اكثر ببناتهم وغرس فكرة احترام الغير في نفوس الابناء وكف الأمهات عن تشجيع ابنائهن الذكور على العبث بمشاعر الفتيات وعليهم ان تتذكرن جيدا ان بناتهن يمكن ان يقع التلاعب بمشاعرهن هن كذلك. وترى ريم ايضا ان الوالدين هما المسؤولان عن انتشار هذه الظاهرة وبناء عليه يجب على الأم والأب تنبيه ابنهما الى ضرورة احترام مشاعر «بنات الناس» وتوعية ابنتها بضرورة التحري عن الشخص التي ترغب في ربط علاقة معه منذ البداية. ويضيف بدر الدين ان الخطأ مشترك بين الفتاة والشاب وان الفتاة باستطاعتها ان تجعل الآخر يحترمها اذا ما عملت على احترام ذاتها اولا وبأن لا تجعل نفسها فريسة سهلة لكل من هب ودبّ. باتباع طرق محددة منها اللباس المحترم والوعي التام بمكوّنات وأسس العلاقة الصحيحة التي يمكن ان تفضي بها الى الزواج. ويرى بدر الدين ان المجتمع هو المسؤول الاول عن انتشار هذه الظاهرة لذلك وجب تنظيم حصص توعوية اجتماعية للحدّ من الظاهرة التي ستنعكس بصفة سلبية على معنويات الفتاة. * ناجية المالكي