كشفت مصادر مسؤولة بوزارة تكنولوجيات الاتصال والنقل «للشروق» عن آخر المؤشرات الاحصائية المتعلّقة بتنقلات التونسيين والتي كشفت بدورها عن الاسباب والعوامل المباشرة التي تقف وراء اختناق حركة المرور. ويأتي عنصر تضخّم وتوسّع اسطول العربات الخفيفة الذي يضم نحو مليون عربة تتجوّل في اقليمتونس الكبرى لوحده في صدارة العوامل المسبّبة للاختناق وارباك حركة المرور حيث يمثل هذا الاسطول حسب مصادرنا 86 من اسطول العربات العام، لكن الغريب هو أن هذا الاسطول وعلى ضخامته لا يؤمن سوى ثلث نشاط النقل البري بحساب الحمولة التابعة (نقل بضائع ومسافرين) والاغرب ان ثلثي هذا النشاط تؤمنه العربات الثقيلة من شاحنات وحافلات وقطارات التي لا تمثل سوى 14 من الاسطول. وإن مفارقة من هذا القبيل تدعو الجهات المسؤولة على تنظيم قطاع النقل البرّي الى التفكير بجدية في حلول وسائل تشجع المواطنين على الاقبال اكثر على استعمال وسائل النقل العمومي وتقليل الاتكال على السيارات الخفيفة في التنقلات لأن جولان هذه السيارات بكثافة في الشوارع والطرقات لا يجلب الا الاكتظاظ واختناق حركة المرور. ومما يزيد في الحاجة الى التعجيل بهذه الحلول والوسائل هو وضع النقل الجماعي الحالي للمسافرين الذي تؤكد المصادر الرسمية أنه تراجع في السنوات الاخيرة لحساب النقل الفردي والخاص الذي يؤمن حسب الاحصائيات الاخيرة 65 من تنقلات التونسيين بين المدن فيما تؤمن الحافلات 17 من هذه التنقلات والبقية تؤمنها سيارات الاجرة. ويحصل هذا التراجع في مردود النقل الجماعي للمسافرين رغم النمو الذي حققه القطاع خلال السنوات الثلاث الاخيرة والذي بلغ 3.7 ورغم الدعم الذي تسنده الدولة للنقل المدرسي والجامعي الذي بلغ زهاء 116 مليون دينار خلال العام الحالي . ويمثل التلاميذ والطلبة 52 من مجموع حرفاء النقل العمومي وهو ما يعادل 500 مليون تنقل سنويا. وأمام الصعوبات التي يواجهها قطاع النقل الجماعي للمسافرين جراء تنامي اسطول السيارات الخاصة وتأثير ذلك على تنقل الناس وعلى حركة المرور ذكرت مصادر مطلعة بوزارة تكنولوجيات الاتصال والنقل «للشروق» ان عمل الوزارة سيتوجه خلال الفترات المقبلة وبالتعاون مع بقية الاطراف المتدخلة نحو مزيد الارتقاء بقدرات المنظومة الوطنية للنقل الجماعي للمسافرين من خلال برنامج متكامل لدعم اسطول الحافلات من جهة وتوسعة الشبكة الوطنية للنقل الحديدي ومدّ خطوط المترو في اتجاهات جديدة فضلا عن التفكير في امكانية انجاز شبكة للنقل الحديدي السريع ومعالجة كافة الجوانب المتصلة بتحسين جودة النقل العمومي وخصوصا الجوانب المتعلقة، بالسرعة كما تتجه المساعي نحو ايجاد الحلول والوسائل التي تحفّز المواطنين على ترك السيارة الخفيفة والاعتماد على وسائل النقل العمومي في التنقلات على غرار تجربة الحافلة الزرقاء التي ترمي اساسا الى تفادي تدفق السيارات في وسط العاصمة وبالتالي التخفيف من الاختناق والضغط على حركة المرور. وعموما يبقى قطاع النقل البرّي بحاجة أكيدة الى مراجعات دائمة وتطوير وذلك بالنظر الى الثقل الاقتصادي والاجتماعي الذي يمثله فهو قطاع يشغل اكثر من 100 الف بين عملة واطارات وموظفين تضاف اليهم اكثر من 21 الف وحدة تاكسي و7400 وحدة لوّاج. كما يبقى قطاع النقل الجماعي صاحب الاولوية في عملية التطوير وذلك حتى بالنظر الى كلفته المعقولة اذ تؤكد المصادر ان المسافر الواحد يكلف سيارة اللواج 42 مليما للكيلومتر الواحد فيما لا تتجاوز هذه الكلفة 28 مليما اذا ما اختار هذا المسافر التنقل بواسطة الحافلة.