الروائي خيري شلبي من الروائيين الذين صنعوا اسمهم في عالم الرواية العربية بإقتدار على مدار سنوات عمره ال 67 قدم لنا خلالها نحو 70 كتابا ورواية اشهرها «الوتد»، «الاوباش».. «الشطار».. كما يعد واحدا من رواد النقد الادبي ورائد لفن البورتريه الصحفي. التقت «الشروق» خيري شلبي بتاريخه الادبي الطويل وجوائزه وأوسمته المتعددة في مواجهة طغت عليها السياسة بحكم التطوّرات الدرامية البشعة في منطقتنا وسألته عن «قبوله جائزة الجامعة الامريكية وكشف لنا الحقيقة في هذه الجائزة التي هي باسم ومن حر مال نجيب محفوظ الذي يشرفه ان يحمل جائزة باسمه. وأكد شلبي انه سيظل حتى آخر لحظة في عمره عدوا للسياسة الامريكية ما لم تتغيّر وقال ان هذه العداوة لا تنسحب على الثقافة والشعب لأنها شيء آخر. وفيما يلي تفاصيل الحوار. * يقارن البعض بين قبولك لجائزة تمنحها الجامعة الامريكية لا تتجاوز قيمتها الف دولار في حين رفض الروائي صنع الله ابراهيم جائزة الرواية العربية التي تصل قيمتها الى 15 ضعف هذه الجائزة... لكي يحافظ على موقفه المبدئي... ما هو ردكم؟ هي ليست جائزة الجامعة الامريكية... ولكن اسمها نجيب محفوظ للابداع الروائي وتصادف ان تقوم الجامعة الامريكية بتنظيمها... لماذا؟ لأن قسم النشر بهذه الجامعة ترجم عدة اعمال لنجيب محفوظ والترجمة وظيفته وعندما حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل قرر ان يوقف جزءا من قيمة هذه الجائزة ومن دخله على الترجمات لأعماله.. للأنفاق منها على جائزة تحمل أسمه وتمنح لرواية فائزة في كل عام... وفوض قسم النشر بالجامعة بتنظيم هذه الجائزة، وما يقال ان الجامعة الامريكية هي التي تمنح الجائزة خطأ... هي اموال نجيب محفوظ ومن «حرّ ماله» وجميع من يعمل في لجان الجائزة يعملون متطوعين.. الامر الثاني ان قيمة الجائزة تافهة لا تمثل اي مكسب سوى الكسب الادبي الذي يحمل اسم نجيب محفوظ الذي اعتبر اسمه وساما على صدري لما يحمله من النبل والاستنارة. موقف «صنع الله ابراهيم» * كيف ترى اذن الموقف الذي اتخذه صنع الله ابراهيم تجاه وزارة الثقافة التي اعتبرها جائزة بلا مصداقية؟ تصور «صنع الله» ان المقصود بها شراؤه واسترضاؤه بشكل ما وهو رجل يعلن مواقفه دائما كرافض لوزارة الثقافة بجميع انشطتها والمجلس الأعلى للثقافة في مصر يعلم هذا... ولو وضعت نفسك مكان «صنع الله» وفوجئت ان المجلس يعرض عليك جائزة قيمتها 100 الف جنيه في حين انك لا تكف عن التنديد به ومهاجمته فمن الطبيعي ان تكشفهم قبل ان يكشفوك... فقلب «صنع الله» المائدة عليهم. * وماذا لو كنت مكان صنع الله ابراهيم؟ كنت سأقبلها طبعا! * للعائد المادي أم للقيمة الادبية؟! جائزة يمنحها لك مؤتمر خاص بالرواية وقيمة مصر لاشك انها جائزة تحترم. عداوة أمريكا * نعود لأمريكا وسياستها ودورها في المنطقة.. ما موقفك منها في ظل التطوّرات الحالية؟ أنا ضد السياسة الامريكية على جميع الأصعدة ودائما أبدا احذر من الوقوع في براثينها والمخابرات المركزية لها نشاط في المجالات الثقافية والسياسية بشكل فعال ومن حسن الحظ انه تم كشفها وقد سبق ذلك تعرية الكثير من العناصر التي كانت تتعامل معها في حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي واعتقد ان نشاط المخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة لن يتوقف بحثا عن طرق وأساليب توقع بها عناصر جديدة وفي اعتقادي انها ستوجه جل اهتمامها الى الفضائيات باعتبار ان لها تأثيرا في الثقافة المكتوبة الصحف والدوريات والكتب ولا تخفى علينا اطماعه الكبيرة والقديمة في المنطقة التي لن تتنازل عنها مطلقا. * كيف ترى دور المثقفين في مواجهة السياسة الامريكية؟ دورنا كمثقفين ان نظل دائما يقيظين للمحاولات الامريكية حتى لا تصبح بلادنا مستعمرة من المستعمرات الامريكية وأعتقد ان نسبة كبيرة من المثقفين العرب وانا بينهم يقظون لذلك ويؤدون واجبهم في هذا الصدد وسأظل ما بقي من عمري عدوا للسياسة الامريكية طالما بقيت على اطماعها فينا وفي مستقبلنا وطالما بقيت حليفة «لاسرائىل»... انني لست عدوا للشعب الامريكي ولا للثقافة الامريكية ولا لمؤسساتها العلمية خاصة وان الكثير من بين هذه المؤسسات يعادي السياسة الأمريكية. * الا ترى ان هناك ازدواجية بين رفضك للسياسة الامريكية وقبولك للثقافة الامريكية؟ اقصد بالثقافة الامريكية الأدب الامريكي والمسرح والسينما... هذه هي الثقافة المعبرة عنهم وليست الثقافة التي يريدون فرضها على العالم العربي كما اوضحت الكاتبة الانقليزية سوندرز حول نشاط المخابرات في الثقافة العربية وفي الشرق الأوسط في كتابها «الحرب الثقافية الباردة». * كنت اول من كتب في الصحافة لونا من الكتابة الادبية كان موجودا من قبل في الصحافة العالمية هو «البورتريه»؟ البورتريه فن ادبي اصيل موجود في الثقافة العربية من قديم الازل في كتب التراجم القديمة... كان الادباء يترجمون لشخصيات من عصرهم او من عصور سابقة عليهم فيصفون الشخص الداخل والخارج معا قبل ان يتكلموا في مناقبه ومنجزاته فهو فن عربي قديم ولكن طورته واستخدمت فيه اساليب القصة والرواية والشعر بما يكرس للنموذج اكثر مما يؤرخ له. * من هم اشهر من اقتديت بهم في مثل هذه الكتابات؟ ياقوت الحموي والسخاوي والأصفهاني صاحب الاغاني وغيرهم وكتبت بعض الكتب في هذا الامر منها «لطائف اللطائف» في سيرة الامام عبد الوهاب الشعراني و «فرسان الضحك» و»مؤرخو مصر الاسلامية». * على اي اساس تختار شخصيات «البورتريه»؟ اكتب عمن احبه كشخص والحب له مضمون سواء ان يكون الشخص قد افادني افادة ما او اكون قد تابعت نتاجه الفني او الفكري والعلمي جيدا واقتنعت انه صاحب مشوار كبير يستحق ان نقدم له بعض العرفان فأكتب هذا البورتريه على سبيل التحية. * تمت ترجمة اعمالك لعدد من اللغات الاجنبية ما الذي جذب المترجمين الاجانب لأعمالك؟ هو نفس ما شدنا للاعمال الاجنبية التي نترجمها.. انهم يريدون ان يتعرفوا على العالم.. الانسانية عائلة واحدة رسولها الادب بمعنى ان الادب يحاول ان يجعل العالم اسرة متحابة كل دولة بخصوصياتها مع استجلاء الجوانب الطيبة وان هناك شعوبا لها قيم عظيمة. * ماهي اكثر رواياتك جذبا للقارئ الآخر؟ في الداخل والخارج ضربت رواية «الاوباش» الرقم القياسي فقد ترجمت الى الروسية والصينية الى جانب الانقليزية ومضمونها هو تقديم عمال التراحيل في مصر وتبرز من خلاله كيف ان الانسان حتى وهو في اسفل الدركات المادية لا يتنازل عن القيمة الاخلاقية والدينية التي ولد وعاش بها وتقدم الرواية مجموعة من الابطال الحقيقيين الذين يدافعون عن قيمهم ضد الطغاة كما فضحت الرواية مساوئ الديكتاتورية في وقت مبكر.