أكّد محللون عرب ان القمة العربية الاخيرة التي عقدت بتونس شكلت خطوة ملموسة نحو تفعيل العمل العربي المشترك بعد نجاحها في اعتماد وثائق شائكة تتعلق بالاصلاحات السياسية والاقتصادية والتنظيمية. وشكلت وثيقة «مسيرة التطوير والتحديث والاصلاح» التي تعرف اختصارا باسم وثيقة الاصلاح ابرز وثيقة تبنتها القمة العربية. وتعتبر هذه الوثيقة التي تضمنت الخطوط العريضة للاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية انجازا لقمة تونس التي اجلت في نهاية مارس بسبب خلافات حول هذه الاصلاحات. وتوفر الوثيقة على حد قول الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى اطارا للتعاطي مع المبادرات الخارجية في اشارة بالخصوص الى مبادرة الشرق الاوسط الكبير التي ستطرح على الارجح في قمة مجموعة الثماني المنتظر عقدها في الثامن من جوان المقبل في الولاياتالمتحدة. خطوة هامة ولاحظ خبراء ومحللون عرب ان القمة العربية التي عقدت في تونس خرجت بحدثين استثنائيين الاول كان اقرار وثيقة مسيرة التطوير والاصلاح بينما كان الثاني الموافقة على تعديل ميثاق الجامعة العربية. وتضمنت وثيقة الاصلاح المبادئ والخطوط العامة التي اتفق عليها القادة العرب والتي سيتم تطبيقها حسب «ظروف» كل دولة عربية اي باستبعاد طريقة النموذج الواحد والقالب الواحد. وينتظر على هذا الاساس بالذات ان توفر الوثيقة اطارا ستتعامل به الدول العربية مع المبادرات الخارجية. وفي هذا لاطار بالذات سيتوقف على الدول العربية التي دعيت الى قمة الدول الصناعية في جوان المقبل وهي البحرين واليمن ومصر والاردن والسعودية والجزائر أن تقرر بصورة فردية مشاركتها ومدى التزامها بالاطار العربي بوصفها اعضاء في الجامعة العربية كما تمنى عمرو موسى الامين العام للجامعة عقب القمة. ولا يبدو أن قمة مجموعة الثماني تشكل أي اختبار لمدى فاعلية وثيقة الاصلاح العربية التي تستمد فاعليتها في الواقع من مدى عمل كل دولة عربية على تحقيق الاصلاحات المتفق عليها رغم عدم وجود جدول زمني وآلية للتنفيذ. بداية... تعديلات ويتمثل الانجاز الثاني لقمة تونس اذن في موافقة القادة العرب على مبدإ ادخال تعديلات على ميثاق الجامعة وستتيح هذه التعديلات تغيير آلية التصويت على القرارات ومتابعة تنفيذها وكذلك تشكيل برلمان عربي ومحكمة عدل عربية بالاضافة الى وضع خطة ملموسة للعمل الاقتصادي العربي التكاملي. ولاحظ خبراء ان مفهوم العمل الاقتصادي «التكاملي» يقتضي وجود شروط اقتصادية محددة تسمح بالتكامل وهذا الامر ممكن عمليا لكن بين «عدد» من الدول العربية فقط في الوقت الراهن. ويفترض أن تقوم اللجان المتخصصة باعداد الملفات لتقديم المقترحات الى قمة الجزائر المرتقبة العام القادم (مارس 2005). وتعدّ الفترة الفاصلة بين قمة تونس وقمة الجزائر قصيرة نسبيا بالمقارنة مع الفترات الطويلة التي استغرقها تنفيذ قرارات عربية سابقة.