تعززت المكتبة العلمية والطبية تحديدا خلال الفترة الماضية بمؤلف جديد حول المهن شبه الطبية وتحديدا حول مهنة الممرض التي تعتبر من أنبل المهن على مرّ العصور باعتبارها تترجم حقوق الانسان في أحد أبعادها. الكتاب بعنوان «... وقم للمرض أيضا.. رؤى علمية لفكر التمريض تكوينا وممارسة وهو من إعداد الأستاذ محمد البشير بن سعد الباحث في علوم التمريض والمتحصل على شهادة الدولة في التمريض من مدرسة الصحة بسوسة وعلى الأستاذية في التعليم شبه الطبي. وينقسم هذا الكتاب القيم الى 5 محاور هي تاريخ التمريض والمفهوم العلمي لمهنة التمريض والواقع الحالي للمهنة ودراسة نموذج تصوّري (نظرية الاحاطة) وآليات تطوير الفكر العلمي لمهنة التمريض تكوينا وممارسة. ويقول في مقدمة الكتاب: «ليس في وسع أي كان أن يمتهن التمريض بأي طريقة كانت إذا لم يؤمن بأن للتمريض فكرا وعلوما. ففي عصرنا الحالي، الذي تشهد فيه جل العلوم تطورا ملحوظا ومن ضمنها العلوم الطبية، نعيش بالتوازي مع التطور التكنولوجي، نقلة في مكونات المجتمع الذي كان في وقت غير بعيد، مجتمعا تغلب عليه المسحة التقليدية والمحافظة وأصبح اليوم (وأعني مجتمعنا التونسي خاصة) يعيش ثورة هادئة تترجم بالتغيرات الجذرية في العقليات والقيم، ابتداء بالمكانة المرموقة والفعالة التي تبوأتها المرأة كعنصر فعال وبنّاء خاصة في مطلع التسعينات ثم العمل الجمعياتي والمؤسساتي الذي أصبح يترجمه عشرات الآلاف من المنخرطين من خلال جمعياتهم الفكرية والمهنية قصد معاضدة الاختيارات الوطنية والعالمية في جميع برامج التنمية ليصبح التفكير ثقافة والعمل ثقافة أيضا. فالممرض اليوم أصبح لزاما عليه أن ينصهر علما وعملا في هذه المنظومة ليتطور ويطور عمله. والتمريض الذي يمارس بشكل تقليدي برغم جدواه وإضافته، يجب أن يأخذ الشكل والمعنى اللذان تفرضهما النقلة النوعية في أنماط عيش الإنسان والمريض أو السليم. إن الممرض مازال طرفا «سلبيا» في عملية العلاج نظرا لافتقاره لإطار مرجعي خاص بعمله، عكس ما يتمتع به جل الأطراف الأخرى كالأطباء والإداريين والفنيين. ونظرا للظروف الملائمة جدا للعمل الصحي ككل (تكوين أساسي رفيع المستوى، تجهيزات عصرية، إطارات طبية متطورة، مستوى تعليمي وثقافي ممتازين للممرض). أصبح الممرض مطالبا بالتزود بالمكونات العلمية لعمله مثل تمكينه من فهم الفلسفة العامة للتمريض، القيم التي يرتكز عليها، ماهية دوره والأسس العلمية لمهنته. بهذا يمكن أن نتحدث عن ممرض مفكر ولا مؤدي فحسب، ويمكن أن نتحدث عن «فكر» التمريض ونكون بذلك أسسنا لثقافة التمريض. فهذا الكتاب يأتي كلبنة أولى لإرساء تقاليد في الفكر التمريضي ومساهمة عملية لإعانة الممرض على فهم وتحليل عمق عمله ومهنته. ولأن مهنة التمريض تعيش في بداية القرن الواحد والعشرين تطورا تدريجيا في التصور والممارسة وازدادت أهمية خاصة لعدة عوامل منها: النقلة النوعية في نمط عيش الإنسان. التقدم العلمي الذي تشهده البشرية في جميع المجالات ولا سيما في مجال علوم الصحة. المعدات التكنولوجية الهائلة التي اقتحمت المؤسسات الصحية والتي وفّرت مفهوما مختلفا لماهية الخدمة المسداة من طرف إطار التمريض. اقتصر على ذكر هذه العوامل دون سواها نظرا لتأثيرها المباشر على مهنة التمريض تكوينا وممارسة. ولهذا الغرض سعيت في هذا الكتاب «الدراسة» الى بسط كل جوانب مهنة التمريض ماضيا، حاضرا ومستقبلا، فتكون كتابي هذا من خمسة أبواب وهي: * الباب الأول : تاريخ مهنة التمريض. * الباب الثاني : المفهوم العلمي لمهنة التمريض. * الباب الثالث : دراسة واقع مهنة التمريض اعتبارا للإطار المرجعي الحالي. * الباب الرابع : دراسة نموذج تصوري لمهنة التمريض حسب مكونات الفكر الحديث. * الباب الخامس : آليات تركيز الفكر العلمي لتطور مهنة التمريض تكوينا وممارسة.