حصول المخرج الامريكي بالسعفة الذهبية في الدورة الاخيرة لمهرجان «كان» السينمائي عن فيلمه «فهر نايت»... لم يكن صعقة أو (كفّ) للامريكان ولبوش تحديدا فقط باعتبار أن هذا المخرج من المعارضين لسياسته منذ سنتين... بل هو «كفّ» لنا نحن كعرب... ويدُ هذه السعفة الذهبيّة امتدت ولم تضرب فقط الساسة العرب على تخاذلهم، بل طالت ايضا اهل الاختصاص من السينمائيين العرب الذين نشاهد في افلامهم عزلة عن واقعهم الوطني والقومي. مع فيلم «فهر نهايت 9/11» ومع مايكل مور تحديدا سقطت مقولة «الفن للفن»، سقطت تلك العصا التي يتكئ عليها المخرجون العرب لانجاز افلام المشبوهة والمغتربة عن واقعها الاجتماعي والسياسي والفكري... ولا يستثن من هؤلاء الا قلّة قليلة في العالم العربي، اما المخرجون التونسيون فحدّث ولا حرج... ومن العناوين تعرف المضمون... كما يقال «من نفقته تعرف عشاءه». الآن سقطت «الاستيتيقا» و»الجماليات»... ولم يعد التنافس في هذا الباب والدليل على ذلك التتويجات الاخيرة في السينما الايرانية (السعفة الذهبية لفيلم التفاحة مثلا)، الذي فاق صدقه وبساطته اعتى التكنولوجيات المستعملة في الصناعة السينمائية بما في ذلك سينما هوليوود... وهذه الافلام الايرانية توجت لأنها أفلام بديلة في بلدها تشخص الواقع وتنشد الحرية وتتطلّع الى المستقبل... «فهرنايت» ضمّن المخرج مايكل مور مشاهد واقعية من «الحرب على العراق» ومن «أحداث 11 سبتمبر»... يعني هذا الفيلم كان وسط بين السينما والشريط الوثائقي... لأن هذه الصورة الواقعية القادمة من العراق او من برج المراقبة ومبادئ ناطحات السحاب اقوى بكثير من اي رؤى سينمائية... واقوى حتى من افلام الخيال العلمي التي غالبا ما يميل لها الهوليوديون حتى عاشوها... هذه الجائزة وهذا التتويج لمايكل مور لم يمرّ في صمت، بل رافقه جدل كبير الى حد ان البعض اعتبرها جائزة سياسية وتعكس في جانب منها موقف فرنسا والاتحاد الاوروبي من سياسة بوش. وبقطع النظر عن نوعية هذا الجدل ان كان عقيما او سليما فان الثابت في هذه الدورة الجديدة لمهرجان «كان» هو التحوّلات التي طالت الصناعة السينمائية... حيث انتفت الحدود بين الفنان والسياسي واصبحت لافلام الافكار صبغتها السياسية.