أعلن أمس الرئيس الأمريكي جورج بوش استقالة جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية (سي أي إيه) «لأسباب شخصية».. لكن تينيت الذي يتولى هذا المنصب منذ عهد بيل كلينتون، سقط بلا شكّ جرّاء تراكم «النكسات» من 11 سبتمبر 2001 الى فضيحة أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة. وجاء اعلان بوش عن استقالة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في وقت تواجه فيه الادارة الجمهورية أزمة ثقة داخلية حادة ومناهضة عالمية واسعة لسياساتها في العراق أساسا.. سقوط... وكبش فداء وكان وزير الخارجية كولن باول قد «مهد» في تصريحات أدلى بها مؤخرا ل»التضحية» بجورج تينيت حين قال انه تم تضليل ال»سي آي ايه» بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة. وتمّ تفسير تصريح باول هذا على أنه يحمل تينيت مسؤولية سوءالتصرف في المعلومات التي حصلت عليها وكالة المخابرات بشأن أسلحة العراق التي لم يعثر عليها قط. ومع أن الرئيس الأمريكي جورج بوش ظلّ يدافع عن دور المخابرات وكفاءة مديرها (الى غاية الاعلان عن استقالته أمس)، فإن سهام الانتقاد انهالت على ال»سي آي إيه» حتى من داخل المؤسسة الحاكمة في ضوء الفشل في العثور على الأسلحة المزعومة في العراق وكذلك بعد اخفاق الوكالة في منع حدوث هجمات 11 سبتمبر 2001. وكانت آخر النكسات التي تعرضت لها ال»سي آي ايه» ورئيسها جورج تينيت، فضيحة تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن «أبو غريب» حيث اتهمت بأنها أملت تلك الأساليب الوحشية التي عومل بها المعتقلون والأسرى العراقيون. ومع أن وكالة المخابرات المركزية وهي جهاز ضخم يشغل 17 ألف موظف (بمن فيهم الجواسيس) وتصل ميزانيته السنوية الى 3.1 مليار دولار بدأ يواجه الأزمات الواحدة تلو الأخرى منذ 1997 أي منذ العام الذي تولى فيه تينيت منصبه، فإن الظاهر أن فشل المخابرات في منع ضربات 11 سبتمبر 2001 ثم اختلاقها المزاعم المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في العراق، كانا بمثابة ضربتين قويتين لهذا الجهاز الاستخباراتي الأقوى في العالم. وعلى الأرجح فإن جورج تينيت كان كبش الفداء بالنسبة الى ادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش يواجه مشاكل كبيرة قبل حوالي 5 أشهر من الانتخابات الرئاسية التي سيواجه فيها خصما قويا هو المرشح الديمقراطي «جون كيري». وفي هذا السياق تحديداأكد أمس المدير الأسبق لل»سي آي ايه» «ستانسفيلد تورنر» الذي تولى قيادة هذا الجهاز من 1977 الى 1981 ان تينيت استقال بطلب من البيت الأبيض. وأضاف تورنر انه تمّ دفع مدير ال»سي آي ايه» دفعا كي يقدم استقالته وان ادارة بوش جعلت منه كبش فداء مشددا على أن تينيت ما كان ليغادر منصبه لو لم يُطلب منه ذلك. وجاءت استقالة تينيت في الواقع بعد شهر تقريبا من خضوعه للمساءلة أمام الكونغرس بشأن هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وخلال تلك المساءلة كان تينيت قد اعترف بأن الوهن قد أصاب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية معتبرا أن بناءالجهاز مجددا ينبغي أن يستغرق 5 سنوات على الأقل. ولدى اعلانه أمس عن قبوله استقالة جورج تينيت، اكتفى الرئيس الأمريكي بالاشادة بخصال تينيت (51 عاما) واصفا اداءه ب»الرائع». ونفى البيت الابيض لاحقا ان يكون طلب من تينيت الاستقالة في حين أكدت مصادر أمريكية أن الاستقالة كانت خطوة استباقية قبل أن تقدم لجنة الاستخبارات في الكونغرس تقريرا في 17 جوان الجاري حول اخفاق ال»سي آي ايه» في منع هجمات 11 سبتمبر. ويتضمن التقرير انتقادا شديدا ل»تينيت».